وصحيحته الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحج، فقال: تمتع. ثم قال: إنا إذا وقفنا بين يدي الله (تعالى) قلنا:
يا ربنا أخذنا بكتابك. وقال الناس: رأينا رأينا. ويفعل الله بنا وبهم ما أراد " ورواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام (2) قال: " من حج فليتمتع، إنا لا نعدل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ".
وروايته (3) قال: " قال أبو عبد الله عليه السلام: ما نعلم حجا لله غير المتعة، إنا إذا لقينا ربنا قلنا: ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله ويقول القوم: عملنا برأينا. فيجعلنا الله وإياهم حيث يشاء ".
والظاهر أن التقريب فيها من جهة أن الخطاب فيها مع أهل الآفاق الخارجين عن حاضري مكة، وإلا فإن غاية ما تدل عليه هو أفضلية التمتع أو تعينه، ولا تعرض فيها لذكر التأني ولا غيره، والأظهر هو الاستدلال بالأخبار الآتية كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الأصحاب قد اختلفوا في حد البعد المقتضي لتعين التمتع على البعيد على قولين:
أحدهما - وهو المشهور - أنه عبارة عن ثمانية وأربعين ميلا من كل ناحية، ذهب إليه الشيخ في النهاية والتهذيب، وابنا بابويه وأكثر الأصحاب (رضوان الله عليهم) وربما ظهر من كلام الشيخ أن البعد إنما يتحقق بالزيادة عن الثمانية والأربعين. والظاهر أن الأمر في ذلك هين، لأن الحصول على رأس المسافة المذكورة من غير زيادة ولا نقصان نادر.
وثانيهما - أنه عبارة عن اثني عشر ميلا فما زاد من كل جانب، ذهب إليه