عمرة وأنه يتمتع بها إلى الحج، واعتضادها بأخبار حج الوداع.
وبه يظهر أن ما ذكره المحقق المذكور في صورة عدم الاحتياج إلى الطواف - من أنه يلزم اجزاؤه عن طواف العمرة بغير نية وأنه معلوم البطلان - ليس في محله، فإن أخبار حج الوداع التي أشرنا إليها قد دلت على اجزاء الطواف الأول الذي أوقعه بنية الحج عن الطواف للعمرة، فإنه لم يذكر في شئ من تلك الأخبار أنهم أعادوا الطواف بعد أمر الرسول صلى الله عليه وآله لهم بالاحلال من حجهم وجعله عمرة. على أن نظائر هذا الموضع في العبادات غير عزيز، ومنه من صام يوم الشك بنية كونه من شعبان ثم ظهر كونه من رمضان، فإنه يجزئ عنه مع أن النية إنما وقعت عن صوم شعبان. ومن ذكر في أثناء صلاة لاحقة فوت سابقة، فإنه يعدل إليها ولو قبل التسليم بل بعده. ونحو ذلك من ما أوجب الشارع نقله إلى خلاف ما افتتح عليه.
الثالث - قال السيد السند في المدارك: المستفاد من الروايات المتقدمة توقف البقاء على الاحرام على التلبية بعد ركعتي الطواف، وعلى هذا فتكون التلبية مقتضية لعدم التحلل، لا أن التحلل يتحقق بالطواف ثم ينعقد الاحرام بالتلبية كما توهمه بعض المتأخرين. وذكر الشارح أن محل التلبية بعد الطواف ولم نقف له على مستند. انتهى.
أقول: لا يخفى أن المستفاد من الروايات إنما هو القول الثاني الذي نسب صاحبه إلى التوهم دون ما ذكره (طاب ثراه):
ومنها - حسنة معاوية بن عمار التي قدمها في كلامه وهي الأولى من روايتيه المتقدمتين في كلامنا (1) لقوله فيها: " يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية " فإنه ظاهر في كونهما قد أحلا بالطواف ولكن يعقدان ما أحلاه بالتلبية.