وسيأتي اتمام الكلام في ذلك - إن شاء الله تعالى - في حج النذر.
المسألة الخامسة - لا خلاف بين الأصحاب في أنه إذا استقر الحج في ذمته ثم مات فإنه يقضى عنه من أصل تركته. نقل الاجماع على ذلك العلامة في المنتهى والتذكرة. وقد تقدمت جملة من الأخبار الدالة على ذلك في صدر المسألة الثانية.
إنما الخلاف في المكان الذي يجب الاستئجار منه، والمتداول في كتب أكثر الأصحاب أن الخلاف هنا منحصر في قولين:
أحدهما - أنه من أقرب الأماكن إلى مكة، وهو الذي عليه الأكثر.
قالوا: والمراد بأقرب الأماكن أقرب المواقيت إلى مكة إن أمكن الاستئجار منه وإلا فمن غيره مراعيا الأقرب فالأقرب، فإن تعذر الاستئجار من أحد المواقيت وجب الاستئجار من أقرب ما يمكن الحج منه إلى الميقات.
وثانيهما - أنه من بلده، وهو قول الشيخ في النهاية، وبه قال ابن إدريس والمفهوم من عبارة المحقق في الشرائع أن في المسألة قولا ثالثا، وهو التفصيل بين ما إذا وسع المال فمن بلده وإلا فمن حيث يمكن.
وهذا القول وإن لم نظفر به في كلام المتقدمين إلا أنه صريح الشهيد في الدروس، حيث قال: يقضي من أصل تركته من منزله، ولو ضاق المال فمن حيث يمكن ولو من الميقات على الأقوى. انتهى.
استدل أصحاب القول المشهور على ذلك بأن الواجب قضاء الحج وهو عبارة عن المناسك المخصوصة، وقطع المسافة ليس جزء منه ولا واجبا لذاته، وإنما وجب لتوقف الواجب عليه، فإذا انتفى التوقف انتفى الوجوب. على أنا لو سلمنا وجوبه لم يلزم من ذلك وجوب قضائه، لأن القضاء إنما يجب بدليل من خارج، وهو إنما قام على وجوب قضاء الحج خاصة. كذا في المدارك.
واستدل المحقق في المعتبر على هذا القول أيضا بأن الواجب في الذمة