الفردين بحاضري مكة والتمتع بالبعيد - كما دلت عليه الآية (1) والرواية (2) - إنما وقع بعد نزول حج التمتع يومئذ:
روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام) (3) قال: " لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من سعيه بين الصفا والمروة أتاه جبرئيل عليه السلام عند فراغه من السعي وهو على المروة، فقال: إن الله (تعالى) يأمرك أن تأمر الناس أن يحلوا إلا من ساق الهدي. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الناس بوجهه، فقال: يا أيها الناس هذا جبرئيل - وأشار بيده إلى خلفه - يأمرني عن الله (عز وجل) أن آمر الناس أن يحلوا إلا من ساق الهدي فأمرهم بما أمر الله به. فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله نخرج إلى منى ورؤوسنا تقطر من النساء. وقال آخرون: يأمرنا بشئ ويصنع هو غيره.
فقال: يا أيها الناس لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما صنع الناس ولكني سقت الهدي ولا يحل من ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محله. فقصر الناس وأحلوا وجعلوها عمرة. فقام إليه سراقة بن مالك بن جشعم المدلجي فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: بل للأبد إلى يوم القيامة وشبك بين أصابعه. وأنزل الله تعالى في ذلك قرآنا: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي " (4).
وقد استفاضت الأخبار بأن أفضل الثلاثة للبعيد بعد الاتيان بالفرض هو