وثانيا - إن ظاهر كلامه هو انكار استعمال لفظ الوجوب في كلامهم (عليهم السلام) وعرفهم بالمعنى الأصولي وإنما المستعمل في عرفهم هو المعنى اللغوي. وهي دعوى عجيبة. وما أبعد ما بين هذه الدعوى وبين من يدعى حمل الوجوب في كلامهم (عليهم السلام) على المعنى الأصولي كما هو ظاهر المشهور في كلام الأصحاب. وكل من الدعويين وقعا في التفريط والافراط.
والحق في ذلك ما قدمناه من لزوم الأوساط، وهو أن هذا اللفظ من ما استعمل في كلامهم (عليهم السلام) في كل من المعنيين المذكورين. وقد حققنا أيضا أن جملة من الألفاظ جرت هذا المجرى، وأنه بسبب الاشتراك والشيوع في كلامهم كذلك لا يجوز أن يحمل على أحدهما إلا مع القرينة، والقرينة على ما ندعيه هنا من المعنى الأصولي موجودة بما أشرنا إليه من تلك المواضع المذكورة في الروايات.
وثالثا - إن قوله: " هذا كله على تقدير نهوض الحديثين باثبات الحكم... إلى آخره " فإني لا أعرف له معنى واضحا، فإنه بعد بحثه في متن الخبرين وتأويله لهما لم يبق إلا السند والسند صحيح باصطلاحهم، فكيف لا ينهضان بالحجة من جهة السند؟ وبماذا يطعن به عليهما حتى أنه يستغني عن تكلف تأويلهما والبحث في معناهما ويكون المرجع في حكم المسألة إلى ما ذكره.
وصاحب الذخيرة قد نقل كلام المحقق المذكور وجمد عليه، وقال بعد نقله:
وهو حسن.
وبالجملة فالواجب الوقوف على ظاهر الأخبار حيثما كان إذا لم تعارض بما هو أرجح منها. والاحتياط من ما لا ينبغي تركه سيما في أمثال هذه المقامات.
والله العالم.
المسألة الثالثة - قد ذكر الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن ناذر الحج