لأن الجمع بينهما في التلبية مندوب إليه في أخبارنا في عمرة التمتع لدخولها في الحج، كما سيأتي (1) بيان ذلك أن شاء الله تعالى.
البحث الثالث - الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه يجوز للمفرد والقارن بعد دخولهما مكة الطواف مستحبا، واحتج عليه في المدارك بأنه مقتضى الأصل ولا معارض له.
أقول: وتدل عليه حسنة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام (2) قال: " سألته عن المفرد للحج، هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال:
نعم ما شاء، ويجدد التلبية بعد الركعتين، والقارن بتلك المنزلة، يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية ".
وأما تقديم الطواف الواجب فهو قول الأكثر، وعزاه في المعتبر إلى فتوى الأصحاب، ونقل عن ابن إدريس المنع من التقديم محتجا باجماع علمائنا على وجوب الترتيب. وأجاب عنه العلامة في المنتهى بأن الشيخ ادعى الاجماع على جواز التقديم، فكيف يصح له دعوى الاجماع على خلافه؟ قال: والشيخ أعرف بمواضع الوفاق والخلاف.
ويدل على القول المشهور الأخبار الكثيرة، ومنها - ما رواه الكليني والشيخ عنه عن حماد بن عثمان في الصحيح (3) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مفرد الحج، أيعجل طوافه أو يؤخره؟ قال: هو والله سواء عجله أو أخره " وعن زرارة في الموثق (4) قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن المفرد للحج