شاء الله تعالى - فاغتسل ثم البس ثوبيك، وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس، فصل المكتوبة، ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، فاحرم بالحج ".
وعلى هذا فلا يجزئ الاحرام بحج التمتع من غير مكة ولو دخل مكة باحرامه، بل لا بد من استئنافه منها، كما هو المعروف من مذهب الأصحاب، وبه قطع في المعتبر من غير نقل خلاف، وأسنده العلامة في التذكرة والمنتهى إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الاجماع عليه. وربما أشعرت عبارة الشرائع بوقوع الخلاف في ذلك، إلا أن شيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) في المسالك نقل عن شارح ترددات الكتاب أنه أنكر ذلك، ونقل عن شيخه أن المحقق قد يشير في كتابه إلى خلاف الجمهور، أو إلى ما يختاره من غير أن يكون خلافه مذهبا لأحد من الأصحاب، فيظن أن فيه خلافا.
وكيف كان فالخلاف في هذه المسألة أن تحقق فهو ضعيف لا يلتفت إليه لأن الاحرام بحج التمتع من غير مكة خلاف ما دلت عليه الأخبار فيكون فاسدا، إذ مجرد المرور على الميقات لا يكفي ما لم يجدد الاحرام منه، لأن الاحرام غير منعقد، فيكون مروره من الميقات جاريا مجرى مرور المحل به.
بقي الكلام في ما لو تعذر الاستئناف من مكة، فقد صرح جملة من الأصحاب بأنه يستأنف حيث أمكن ولو بعرفة إن لم يتعمد ذلك، بمعنى أنه إن تعمد الاحرام من غير مكة مع إمكان الاحرام منها فإنه يبطل احرامه، وإن أحرم من غيرها جهلا أو نسيانا فإنه يجب عليه أن يستأنفه حيث أمكن ولو بعرفة.
أما الحكم الأول وهو بطلان الاحرام مع تعمد ذلك فلعدم تحقق الامتثال المقتضي لبقاء المكلف تحت العهدة.