والتقريب فيها أن أوامر الله (عز وجل) للوجوب اتفاقا إلا مع قيام قرينة عدمه، وحينئذ فتدل هذه الأخبار بانضمام أخبار هذه المسألة إليها على أن كل من أحرم مفردا وطاف وسعى ولم يسق الهدي ولم يعقد احرامه بالتلبية، فإنه يصير محلا ويجب عليه أن يجعل ما أتى به عمرة يتمتع بها إلى الحج. وهو عين ما دلت عليه صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة.
ولا ينافي ذلك الأخبار المتقدمة الدالة على أن كل من طاف بالبيت وسعى أحل أحب أو كره، حيث إنها ربما دلت على بطلان الحج خاصة، وأما انقلابه عمرة فلا، لأنا نقول: غاية هذه الأخبار أن تكون مطلقة بالنسبة إلى صيرورة حجه بعد الاحلال عمرة، ومقتضى القاعدة حملها على الأخبار التي ذكرناها وتقييد اطلاقها بها، فلا منافاة.
الثاني - قال السيد السند (طاب ثراه) في المدارك: الظاهر أن المراد بالنية - في قول المصنف ومن قال بمقالته: إن المفرد لا يحل إلا بالنية - نية العدول إلى العمرة، والمعنى أن المفرد لا يتحلل قبل اكمال أفعال الحج إلا بنية العدول إلى العمرة فيتحلل مع العدول باتمام أفعالها. وعلى هذا فلا يتحقق التحلل بالنية إلا في موضع يسوغ فيه العدول إلى العمرة. وذكر المحقق الشيخ علي (قدس سره) في حواشيه أن المراد بالنية نية التحلل بالطواف. ثم قال: إن اعتبار النية لا يكاد يتحقق، لأن الطواف منهي عنه إذا قصد به التحلل، فيكون فاسدا، فلا يعتد به في كونه محللا، لعدم صدق الطواف الشرعي حينئذ. ويتوجه عليه أيضا أن اعتبار النية لا دليل عليه أصلا، بل العمل بالروايات المتضمنة للتحلل بترك التلبية يقتضي حصول التحلل بمجرد الترك، واطراحها يقتضي عدم التحلل بالطواف وإن نوى به التحلل مع انتفاء نية العدول كما هو واضح.
ثم قال (قدس سره): الثاني - حيث قلنا بانقلاب الحج عمرة فيجب الاتيان