صريحا رواية سلمة أبي حفص المتقدمة (1).
ولا ينافي ذلك قوله عليه السلام: " إن شئت فجهز رجلا " فإنه ليس المراد هنا التخيير له بين التجهيز وعدمه، بل هذه العبارة - كثيرا ما يرمى بها في أمثال هذه المقامات - المراد منها الوجوب، كما وقعت أيضا في رواية القداح المتقدمة (2) وكأن المراد منها: إن شئت أداء ما وجب عليك وخلاص ذمتك.
وبذلك يظهر ما في كلام صاحب الذخيرة حيث إنه توهم من هذه الكلمة التخيير وعدم الوجوب، فقال بعد نقل الخبر المشار إليه: وفيه اشعار بعدم الوجوب. فإنه لا يخفى على من أحاط خبرا بالأخبار أنه كثيرا ما يؤتى بهذه الكلمة في مقام الوجوب، ويؤيد ذلك استدلال الأصحاب بهذين الخبرين المذكورين على الوجوب في المسألة، وما ذاك إلا من حيث فهمهم من هذه الكلمة الحمل على غير المعنى المتبادر منها.
وبالجملة فموضع الخلاف في المسألة عندهم ما إذا عرض المانع قبل استقرار الوجوب.
الثانية - حيث إن الأصحاب صرحوا باستحباب الاستنابة لمن يرجو زوال العذر، فرعوا عليه أنه لو حصل اليأس بعد رجاء البرء وقد استناب أولا، فإنه تجب عليه الاستنابة ثانيا مع بقاء الاستطاعة.
قال العلامة في التذكرة - بعد أن صرح في صدر المسألة بأن المريض إذا كان مرضه يرجي زواله ونحوه غيره من ذوي الأعذار يستحب له الاستنابة - ما لفظه: فلو استناب من يرجو القدرة على الحج بنفسه ثم صار مأيوسا من برئه فعليه أن يحج عن نفسه مرة أخرى، لأنه استناب في حال لا تجوز