مخرج التمثيل - فهو صريح في رد القول بالاكتفاء بأدنى الحل، فإنه جعل ميقات التمتع في الصورة المذكورة هو أحد المواقيت البعيدة المعينة لأهل الآفاق، وأدنى الحل إنما هو ميقات مفرد الحج والعمرة المفردة.
ويمكن حمل الخبر المذكور على وجه لا ينافي ما اخترناه من ميقات أهل بلاد ذلك المتمتع، بأن يقال: إن الغرض من سوق هذا الكلام إنما هو بيان الفرق بين ميقات المجاور المريد لحج الافراد والمجاور المريد لحج التمتع، فكأنه قيل: إن المجاور متى قصد الحج افرادا فميقاته الجعرانة وإذا قصد التمتع فالمواقيت الآفاقية. وهو وإن تضمن نوع اطلاق في الميقات - من حيث إن سوق الكلام ليس لبيان ميقات التمتع وإنما هو لغرض آخر كما ذكرنا - غير مضر، فيجب تقييد اطلاقه بما قدمنا من الأخبار.
ثم إن في ايراد الصدوق (قدس سره) هذا الخبر في كتابه (1) دلالة على أن مذهبه موافق لما اخترناه من القول المشهور والمؤيد المنصور، بناء على قاعدته المقررة في صدر كتابه من أن كل ما يرويه في كتابه فهو من ما يفتي به ويعتقد صحته.
لا يقال: إن الخبر قد دل على أنه يتجاوز عسفان، وليس ثمة ميقات من المواقيت المنصوصة.
لأنا نقول: قد ذكرنا آنفا أن هذا الكلام إنما خرج مخرج التمثيل في أن المتمتع يخرج إلى المواقيت البعيدة دون أدنى الحل، بخلاف المفرد فإنه يخرج إلى أدنى الحل خاصة، وليس الغرض من الكلام بيان ميقات التمتع، وحاصل الكلام أنه يخرج إلى ما زاد على هذه المسافة.
وبما قررنا يظهر أن هذا الخبر من أوضح الأخبار في رد هذا القول