أما لو مات بعد الاحرام وقبل دخول الحرم فالمشهور بين الأصحاب وجوب القضاء عنه، ونقل عن الشيخ في الخلاف وابن إدريس الاجتزاء به لمجرد الاحرام. ولا أعرف لهذا القول دليلا.
قال في المختلف: احتج بأن القصد التلبس وقد حصل بالاحرام. ثم أجاب عنه بالمنع، قال: بل المطلوب قصد البيت الحرام وإنما يحصل بالدخول في الحرم.
وقال في المدارك: وربما أشعر به مفهوم قوله عليه السلام في صحيحة بريد (1):
" وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته في حجة الاسلام " لكنه معارض بمنطوق قوله عليه السلام (2): " وإن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الاسلام " انتهى.
أقول: وتعارضه أيضا صحيحة زرارة المذكورة والمرسلة المنقولة من المقنعة.
وأما ما احتمله في الذخيرة - من الجمع بين المفهوم المذكور وبين منطوق صحيحة ضريس بالحمل على استحباب القضاء في الصورة المذكورة، حتى أنه حمل الأمر بالحج عنه في صحيحة زرارة على الاستحباب أيضا - فبعيد لا يلتفت إليه وهو من جملة تخريجاته البعيدة. والظاهر أنه مبني على ما يذهب إليه من عدم صراحة الأوامر في الأخبار في الوجوب. وهو توهم ساقط.
وبالجملة فإن الأصح هو القول المشهور، لأن الواجب هو الحج الذي هو عبارة عن جميع تلك المناسك، فلا يخرج المكلف عن العهدة إلا بالاتيان به كذلك، قام الدليل على خروج هذه الصورة المتفق عليها بين الأصحاب للأخبار المذكورة، بقي ما عداها على حكم الأصل.
والعجب من ابن إدريس في اجتزائه بالاحرام هنا خاصة، فإن القول