قد تعلقوا بجملة منها في الدلالة على ما ادعوه في هذه المسألة من تخصيص الوجوب بالميقات، وأجابوا عن ما دل بظاهره على خلاف ذلك. وظاهرهم أن المسألتين في التحقيق من باب واحد. وهو كذلك. إلا أن في دلالة ما أوردوه من الأخبار على ما ادعوه منها تأملا.
وها أنا أسوق إليك جملة ما وقفت عليه من الأخبار المذكورة، مذيلا كلا منها بما أدى إليه فهمي القاصر وذهني الفاتر، واسأل الله (عز وجل) العصمة من طغيان القلم وزلة القدم، فأقول:
من الأخبار المشار إليها صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال:
" سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أعطى رجلا حجة يحج بها عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة؟ قال: لا بأس، إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه ".
أقول: وهذه الرواية وإن لم تكن من عداد الروايات المشار إليها إلا أنها من جملة ما اعتضد به أصحاب القول المشهور فذكرناها أولا لذلك.
والتقريب فيها أنها دلت بظاهرها على أن المخالفة في الحج من الكوفة إلى الحج من البصرة غير موجب لفساد الحج، وما ذاك إلا من حيث إن الغرض من اعطاء الحجة الاتيان بالمناسك المذكورة وأن الطريق لا مدخل لها في الحج.
وفيه ما سيأتي إن شاء الله (تعالى) في مسألة من استؤجر على طريق فحج على غيره من الخلاف في ذلك.
وصاحب المدارك الذي هو ممن اعتضد بهذه الرواية في هذه المسألة، حيث اختار في تلك المسألة عدم صحة الحج كذلك أجاب عن هذه الرواية - حيث إن الشيخين استدلا بها على الجواز - فقال بأنها لا تدل صريحا على جواز المخالفة،