المذكورة على أن المراد أن يعطي رجلا مالا يحج به، كما تأول به السيد صحيحة ضريس في ما سيأتي إن شاء الله (تعالى) في كلامه، أشكل ذلك بأن الواجب على هذا التقدير يكون ماليا محضا، وقد عرفت من كلامهم - بل من ظاهر الأخبار التي قدمناها - أن الواجب المالي مخرجه من الأصل. وبذلك يظهر أن تأويل السيد (رحمه الله) للرواية غير تام. وإن حملناها على ما قدمنا ذكره من تنفيذ ذلك بنفسه - وهو الأظهر كما عرفت - كان ذلك من قبيل الواجب البدني وإن توقف على المال كحج الاسلام، وينبغي على قياس حج الاسلام بالتقريب الذي قدمنا ذكره - كما عليه ظاهر اتفاق كلمة الأصحاب - أن يكون مخرجه من الأصل، مع أن هاتين الصحيحتين المذكورتين صريحتان في أن مخرجه من الثلث.
ولعل القول الفصل والمذهب الجزل في جميع الأحكام هو التوقف على ورود النص الصريح أو الظاهر في ذلك الحكم، فإن وجد وجب الحكم بمقتضاه وإلا فالتوقف عن الحكم وعدم الاعتماد على هذه التقريبات والقواعد المستنبطة والتخريجات التي لم ترد بها النصوص، وإن أمكن التقريب فيها كما قدمناه سابقا.
وقد سبق نظير ذلك في المسألة الخامسة من المقصد السابق في مسألة قضاء الحج من البلد أو الميقات، وفي مسألة تزاحم دين الحج مع غيره من الديون كما أوضحناه ثمة. وحينئذ فالواجب هو الوقوف على ما دلت عليه الأخبار في كل جزئي جزئي إن وجدت وإلا فالتوقف.
وبذلك يظهر ما في كلام المحقق المدقق الشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني (نور الله مرقديهما) في كتاب منتقى الجمان، حيث قال بعد نقل صحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور: قلت: لا يخفى ما في هذين الخبرين من المخالفة للأصول المقررة عند الأصحاب، وليس لهم في تأويلهما كلام يعتد به، والوجه