قال في المدارك بعد نقل ذلك: نعم لو قيل بوجوب تمكينه من تحصيل ما يتوقف عليه الحج لتوقف الواجب عليه كان وجها قويا. انتهى.
أقول: فيه أن هذا الدليل الذي ذكره إن صلح لتأسيس حكم شرعي عليه وجب القول به وإن لم يقل به أحد، والحكم الشرعي تابع للدليل لا للقائل.
على أنهم بناء على أصولهم وقواعدهم إنما منعوا من احداث القول في المسألة في مقابلة الاجماع، ولم يدعه أحد منهم في المقام. وإن لم يصلح - وهو الظاهر - فلا يجب تمكينه من تحصيل ما يتوقف عليه الحج، إذ لا يخفى أن المتبادر من وجوب مقدمة الواجب إنما هو بالنسبة إلى من خوطب بذلك الواجب - مثلا:
متى وجب عليه الحج بحصول الاستطاعة وجب عليه السعي في تحصيل مقدماته من السفر وأسباب السفر ونحو ذلك، ومن وجبت عليه الصلاة وجب عليه السعي في ما يتوقف عليها صحتها من الشرائط ونحو ذلك - لا بالنسبة إلى شخص آخر كما في ما نحن فيه، فإن الحج هنا إنما وجب على العبد بالنذر والتمكين إنما هو من السيد، فكيف يجب عليه بناء على وجوب مقدمة الواجب؟ وبالجملة فإن وجوب المقدمة تابع لوجوب ذي المقدمة، فكل من خوطب بالواجب صريحا خوطب بمقدماته ضمنا، كما ذكرنا من الأمثلة.
والتحقيق أنه إن أمكن العبد الاتيان بما نذره وجب عليه الاتيان به وإلا توقع المكنة، وأما خطاب السيد والايجاب عليه فلا وجه له ولا دليل عليه وبالجملة فلا أعرف لكلامه (قدس سره) هنا وجه استقامة.
الثالثة - قد صرح الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) من غير خلاف يعرف بأنه لا يشترط في الحج بالنذر وأخويه شرائط حجة الاسلام بل يكفي في وجوبه التمكن منه من غير مشقة شديدة. وهو كذلك، لأن الاستطاعة التي