موضع الاهلال، وهو رفع الصوت بالتلبية الذي محله الميقات، وإضافة المهل إلى الأرض بتقدير مضاف، أي مهل أهل أرضه كما في قوله عز وجل: " واسأل القرية " (1) وإضافة الأرض إلى ضمير ذلك الشخص يعين كون ذلك الميقات هو الميقات المخصوص بأهل تلك الأرض. وحينئذ فأي اجمال في هذا البيان الواضح البرهان لولا حب التعصب للمذاهب الغير اللائق بالعلماء الأعيان.
على أن للخصم أن يقلب عليه هذا الطعن في الخبرين المتقدمين اللذين هما عمدة ما استندوا إليه، بأن غاية ما دلا عليه أنه بعد ما سأل السائل: " من أين يتمتعون " بأنهم يخرجون من الحرم، ولا ريب أنه لا صراحة فيه ولا ظاهرية بأنهم يحرمون من أدنى الحل كما ادعوه، ومجرد الخروج من الحرم لا يستلزم ذلك إذ من الجائز أن يكون المراد يخرجون من الحرم إلى الميقات المعين لهم وهو ميقات أهل بلادهم، وبالجملة فهو مطلق فيمكن تقييده بتلك الأخبار الدالة على وجوب الاحرام من ميقات أهل بلادهم، ولا سيما موثقة سماعة المتقدمة قريبا، حيث تضمنت أنه يخرج من مكة حتى يجاوز ذات عرق، ورواية إسحاق ابن عبد الله المتضمنة لمسير ليلة أو ليلتين، فقد بين فيهما غاية الخروج وهذه مطلقة في بيان الغاية، والواجب بمقتضى القاعدة المسلمة عندهم الحكم بالمقيد على المطلق. وهذا بحمد الله - سبحانه - ظاهر لا سترة عليه.
فالتأويل في جانب أخباره التي اعتمدها أقرب منه في جانب هذا الخبر، ولكن الأمر كما قيل:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة * ولكن عين السخط تبدي المساويا ونحن قد تجاوزنا عن هذا الاحتمال سابقا ولم نذكره مع إمكانه واحتماله، مماشاة ومجاراة بأنه مع تسليم ما يدعونه فحمله على ما قدمناه من العذر - كما في