المعتمر بعمرة التمتع لا بد له أن يخرج إلى أحد المواقيت البعيدة كما سبق. انتهى ولا ينافي ذلك كون هذه العمرة في أشهر الحج، لتكاثر الأخبار بجواز العمرة المفردة في أشهر الحج وإن لم يحج (1).
والتحقيق في المقام أن الأصل في هذه المسألة أخبار المواقيت (2) فإن المستفاد من جعله صلى الله عليه وآله لكل أناس ميقاتا مخصوصا هو وجوب الاحرام من ذلك الميقات بعينه، فقضية جعله لأهل مكة ومن حولهم ميقاتا مخصوصا - وللبعيد الخارج عن ذلك مواقيت مخصوصة، وتقسيم تلك المواقيت على أهل الآفاق وتخصيص أهل كل أفق بما يليهم - هو وجوب الاحرام على أهل كل قطر بما خصهم به وعينه لهم كيف كان وعلى أي نحو كان إلا ما استثنى، وتخرج الأخبار الدالة على وجوب الرجوع على الناسي والجاهل والمقيم في مكة دون المدة المعينة (3) شاهدة على ذلك، فإن الظاهر أن وجوب الرجوع في الجميع إنما هو لما ذكرنا لا من حيث خصوصية الجهل أو النسيان أو الإقامة.
فإن قيل: أن الخصم يدعي أيضا تخصيص هذا العموم بالروايتين المتقدمتين (4) الدالتين على الاحرام من أدنى الحل للمقيم بمكة، كما خصصتموه بالصورتين المذكورتين.
قلنا: إنا إنما صرنا إلى التخصيص بالصورتين المذكورتين لصراحة الأخبار الدالة عليهما، مضافا إلى اتفاق الأصحاب على ذلك، وهذا مفقود في الموضع المدعى