إرادة البنوة الحقيقية لا مسرح للعدول عنها والجواز.
ومجمل القول في هذه الأخبار ونحوها أنها قد دلت على دعواهم (عليهم السلام) البنوة له (صلى الله عليه وآله) وافتخارهم بذلك وأن المخالفين أنكروها عليهم، وهم (عليهم السلام) قد استدلوا على اثباتها بالآيات القرآنية كما مرت، ولولا أن المراد بالنبوة الحقيقية لما كان لما ذكر من هذه الأمور وجه، لأن المجاز لا يوجب الافتخار ولا يصلح أن يكون محلا للمخاصمة والجدال وطلب الأدلة وإيراد الآيات دليلا عليه بل هذه الأشياء إنما تترتب على المعنى الحقيقي كما أشرنا إليه آنفا، ولكن أصحابنا (رضوان الله عليهم) لم يعطوا المسألة حقها من التتبع لأخبارها والتطلع في آثارها فوقعوا في ما وقعوا فيه.
الثالث - إن جملة الأخبار التي وقفت عليها بالنسبة إلى مستحقي الخمس عدا مرسلة حماد المتقدمة إنما تضمنت التعبير عنهم بكونهم آل محمد (صلى الله عليه وآله) أو ذريته أو عترته أو ذوي قرابته أو أهل بيته أو نحو ذلك من الألفاظ التي لا تناكر في دخول المنتسب بالأم إليه صلى الله عليه وآله فيها، فإن معنى الآل على ما رواه الصدوق في معاني الأخبار (1) عن الصادق عليه السلام من حرم على محمد صلى الله عليه وآله نكاحه، وفي رواية أخرى (2) فسره بالذرية، ولا ريب أيضا في صدق الذرية على من أنتسب بالأم للآية الدالة على كون عيسى من ذرية نوح عليه السلام (3).
وحينئذ فإذا كان التعبير عن مستحق الخمس في الأخبار إنما وقع بهذه الألفاظ التي لا إشكال في دخول المنتسب بالأم إليه صلى الله عليه وآله فيها فإنه لا مجال لنزاع القوم في هذه المسألة باعتبار عدم صدق النبوة على ما انتسب إلى هاشم بالأم، لأن علة النسبة إلى هاشم لم نقف عليها إلا في المرسلة المتقدمة حيث قال فيها (4): " وهؤلاء الذين