وصحيحته الأخرى عن الصادق عليه السلام (1) قال: " سألته عن الدار يوجد فيها الورق؟ فقال إن كانت معمورة فيها أهله فهو لهم وإن كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالذي وجد المال أحق به ".
وبهذين الخبرين استدل شيخنا الشهيد الثاني في المسالك في كتاب اللقطة للمصنف على ما ذكره من أن ما يوجد في المفاوز أو في خربة قد هلك أهلها فهو لواجده ينتفع به بلا تعريف، وكذا ما يجده مدفونا في أرض لا مالك لها.
وفي الاستدلال على القول الثاني هو ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام (2) قال: " قضى علي عليه السلام في رجل وجد ورقا في خربة أن يعرفها فإن وجد من يعرفها وإلا تمتع بها ".
وهذه الرواية وإن كانت أعم من أن يكون ذلك الورق عليه سكة الاسلام إلا أنه يجب تخصيص عمومها بما دل على أن ما لا أثر للاسلام عليه فإن فيه الخمس ويكون لواجده، ومثلها في ذلك موثقة إسحاق بن عمار المتقدمة.
وأنت خبير بما في هذه الأخبار من التناقض والتضاد إلا أن من قال بالقول الثاني جمع بين صحيحتي محمد بن مسلم وصحيحة محمد بن قيس بحمل الصحيحتين المذكورتين على ما لم يكن عليه أثر الاسلام وحمل صحيحة محمد بن قيس على ما إذا كان عليه أثر الاسلام. ولا يخفى ما فيه من البعد لعدم ما يدل عليه من الأخبار.
وفي المدارك حيث اختار العمل بصحيحتي محمد بن مسلم حمل صحيحة محمد بن قيس على ما إذا كانت الخربة لمالك معروف أو على ما إذا كان الورق غير مكنوز.
ولا يخفى أن هذا وإن أمكن في الصحيحة المذكورة إلا أنه لا يمكن في موثقة إسحاق ابن عمار التي ذكرناها إلا أنه لم يذكرها أحد منهم في المقام.