على التخفيف بخلاف ايجاب الصاع، وحينئذ يقال: كلما ثبت الحد والرجم ثبت الغسل أو كان أولى بالثبوت، والمقدم ثابت بالاجماع والروايات فيثبت التالي. كذا قرره بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين.
ويرد عليه أن هذا الاستدلال وأن وجهه بما قال إلا أنه لا يخرج بذلك عن القياس ولا يبرز عن ظلمة الالتباس وإن كان على الثاني يكون من قبيل قياس الأولوية، فإنا لا نسلم أن العلة في وجوب كل من الغسل والحد هو الايلاج، بل العلة هي أمر الشارع بذلك عند وقوع الايلاج، ولئن أطلق على ذلك علة فهو كما في سائر علل الشرع لما صرحوا به أنها من قبيل الأسباب والمعرفات، لا أنها علل حقيقة يدور المعلول معها وجودا وعدما كالعلل العقلية حتى يلزم المحال باثبات العلة ورفعها في وقت واحد، وحينئذ فحمل الغسل على الحد والرجم لاشتراكهما في جامع الايلاج قبلا قياس محض، إذ ليس القياس إلا عبارة عن تعدية الحكم من جزئي إلى آخر لاشتراكهما في جامع، وهو هنا كذلك فإنه قد عدى الحكم وهو الوجوب من الحد والرجم إلى الغسل لاشتراكهما في العلة الجامعة وهو النكاح في القبل، فأثبت وجوب الغسل في كل موضع ثبت فيه الحد والرجم، والأخبار الدالة على بطلان القياس في الشريعة أظهر من أن يتعرض لنقلها في المقام. وأما قياس الأولوية فهو وإن سلم ثبوته هنا وذهب بعض الأصحاب إلى القول به إلا أن جملة من الأخبار تدفعه كما تقدم ذلك في المقدمة الثالثة من مقدمات الكتاب (1) وحينئذ فالأظهر في معنى الخبر المذكور أن يقال: إن كلامه (عليه السلام) إنما هو على طريق الالزام لأولئك المخالفين حيث إنهم قائلون بالقياس، أو أنه (عليه السلام) أنكر عليهم ذلك مع مخالفته لاعتقادهم، بمعنى أنه كيف تقولون بهذا القول مع أنه مخالف لمعتقدكم؟ ثم بين (عليه السلام) الحكم بقوله: " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل " قال المحدث الكاشاني في الوافي بعد نقل الخبر المذكور: " قد جادلهم (عليه