والعينية إنما هو الغسل بالمياه الثلاثة خاصة، فعلى هذا إذا أصاب بدنه غائط أو دم أو بول أو نحوها فإنه يجب إزالته أولا بمطهره الذي هو الماء خاصة وإن كانت نجاسة الموت بعينها باقية حتى يحصل مطهرها المذكور، إذ لو لم تزل هذه النجاسة أولا لتنجس بها ماء الغسل، ولا ضرورة هنا إلى دعوى الاجماع ولا إلى شئ من الأخبار كما لا يخفى على من نظر بعين التدبر والاعتبار.
وأما ما ذكره في المعتبر - من قوله (عليه السلام) في رواية يونس (1): " فإن خرج منه شئ فانقه " - فليس فيه دلالة على ما ادعوه من وجوب الإزالة قبل الغسل لأن هذا الكلام إنما هو في الغسلة الثانية بماء الكافور، نعم فيه دلالة على وجوب إزالة النجاسة عنه مطلقا وهو مما لا اشكال فيه كما يدل عليه أيضا ما ورد من وجوب الإزالة بعد الغسل. وبالجملة فالاشكال المذكور ضعيف لا وجه له بعد ما عرفت.
وقال شيخنا الثاني في الروض: " والأولى الاستناد إلى النص وجعله تعبدا إن حكمنا بنجاسة بدن الميت كما هو المشهور وإلا لزم طهارة المحل الواحد من نجاسة دون نجاسة، وأما على قول المرتضى فلا اشكال لأنه ذهب إلى كون بدن الميت ليس بنجس بل الموت عنده من قبيل الأحداث كالجنابة، فحينئذ يجب إزالة النجاسة الملاقية لبدن الميت كما إذا لاقت بدن الجنب " انتهى. وفيه ما عرفت من أنه لا أثر لهذا النص المدعى بل ليس إلا الاجماع إن تم، وطهارة المحل الواحد من نجاسة دون أخرى متى اختلفت النجاستان واختلف المطهران مما لا اشكال فيه، فإن نجاسة الموت العينية أمر سار في جميع البدن لا يرتفع إلا بغسله بالمياه الثلاثة، ونجاسة البول والغائط ونحوهما الواقع في بدن الميت مخصوصة بمحل الملاقاة ومطهرها هو الماء المطلق خاصة، ولا بعد في طهارة البدن من هذه النجاسة العارضية مع بقاء تلك النجاسة السارية في جميع أجزاء البدن حتى يحصل مطهرها. وأما ما ذكره - من أنه على قول المرتضى لا اشكال