وإن لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد... " والجواب عن الرواية الأولى أن موضع الدلالة فيها قوله (عليه السلام): " فإن طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل " وهو غير محل النزاع فإن موضع الخلاف ما إذا لم يحصل السيلان، مع أنه لا اشعار في الخبر بكون الغسل للفجر فحمله على ذلك تحكم، ولا يبعد حمله على الجنس ويكون تتمة الخبر كالمبين له. وعن الرواية الثانية أنها قاصرة من حيث السند بالاضمار، ومن حيث المتن فإنها لا تدل على ما ذكروه نصا، فإن الغسل لا يتعين كونه لصلاة الفجر بل ولا للاستحاضة لجواز أن يكون المراد به غسل النفاس، فيمكن الاستدلال بها على المساواة بين القسمين " انتهى كلامه.
أقول: لا يخفى أن صحيحة الصحاف التي ذكرها لا تخلو من الاجمال في هذا المجال، وغاية ما يستفاد منها أنه مع وضع الكرسف فإن كان الدم لا يسيل من خلف الكرسف فعليها الوضوء خاصة وإن سال من خلفه فإن عليها أغسالا ثلاثة، وهذا التفصيل بحسب الظاهر لا ينطبق على شئ من القولين، لأن المتوسطة عندهم هي التي يظهر دمها على الكرسف ولا يسيل عنه، فهي لا تدخل في ذات الأغسال الثلاثة لأنها مخصوصة بمن يسيل دمها عن الكرسف صبيبا، ولا في الأولى - وإن احتملها لفظ العبارة - لأنه جعل حكمها الوضوء خاصة والفتوى في المتوسطة على وجوب الغسل متحدا أو متعددا على القولين المذكورين. فأما التفصيل الآخر في الرواية بالسيلان وعدمه بعد طرح الكرسف عنها فلا يصلح للاستدلال ولا يدخل في هذا المجال، لأن التقسيم إلى الأقسام الثلاثة مرتب على وضع الكرسف وأنه هل يثقبه الدم أم لا ومع ثقبه هل يسيل عنه أم لا؟ فسيلان الدم مع عدم وضع الكرسف خارج عن موضع المسألة، وكما يحتمل في هذا الغسل هنا الاتحاد كما ادعاه من استدل بالرواية على ما ذكره السيد (رحمه الله) هنا يحتمل الجنس أيضا فيكون المراد به الأغسال الثلاثة ويكون الكلام في آخر الرواية من قبيل التفصيل بعد الاجمال. وأما طعنه في صحيحة زرارة بالاضمار فهو مناف لما صرح به في غير موضع من شرحه هذا بأن الاضمار