بلونه ما لم يعلم أنه لقرح أو لعذرة ونقل عليه الاجماع، وهو مناف لما ذكره هنا من التوقف في هذه المسألة، إذا المفروض فيها انتفاء العلم بكون الدم للعذرة بل انتفاء الظن بذلك باعتبار استنقاعه كما هو واضح. انتهى. وهو جيد وإن كان ما ذكره المحقق لا يخلو من وجه بالنظر إلى الاعتبار، إلا أنه لا وجه له في مقابلة الأخبار ولا سيما مع تصريحه بما نقله عنه في الموضعين. ثم إنه لا يخفى أن ما ذكره المحقق هنا من تقييد الدم الذي هو محل البحث بأن يكون بصفة دم الحيض تقييد للنص بغير دليل، وأي مانع من الحكم بكونه حيضا مطلقا مع عدم التطوع؟ سيما على القاعدة المقررة المعتمدة عندهم من أن ما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض، وإليه يشير كلامه في الوجه الثاني الذي نقله عنه في المدارك.
بقي هنا شئ وهو أنه قد نقل في المدارك عن الشهيد (رحمه الله) في الشرح أن طريق معرفة التطوق وعدمه أن تضع قطنة بعد أن تستلقي على ظهرها وترفع رجليها ثم تصبر هنيئة ثم تخرج القطنة اخراجا رفيقا، ونقل عن جده أيضا في الروض أن مستند هذا الحكم روايات عن أهل البيت (عليهم السلام) لكن في بعضها الأمر باستدخال القطنة من غير تقييد بالاستلقاء وفي بعضها إدخال الإصبع مع الاستلقاء، وطريق الجمع حمل المطلق على المقيد والتخيير بين الإصبع والكرسف إلا أن الكرسف أظهر في الدلالة، ثم اعترضه بأن ما ذكره (رحمه الله) لم أقف عليه في شئ من الأصول ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال. انتهى. وما ذكره (رحمه الله) جيد وجيه، فإنا لم نقف في المسألة إلا على ما قدمنا من الأخبار وليس في شئ منها ما يدل على الاستلقاء ولا وضع الإصبع، ولا يبعد عندي أن منشأ توهم شيخنا المشار إليه هو رواية القرحة الآتية للأمر فيها بالاستلقاء ووضع الإصبع، فربما جرى على خاطره وقت الكتابة أن مورد الرواية هو افتضاض البكر وزوال العذرة فعدها في جملة روايات المسألة وجمع بينهما بما ذكره من غير أن يراجعها، وجريان الأقلام على الاستعجال بأمثال هذا المقال غير عزيز في كلامهم.