ولأن العقلاء يذمون العبد إذا لم يفعل ما أمره السيد، ويعللون حسن الذم بالترك.
ولأن الأمر دال على اقتضاء الفعل ووجوده، فكان مانعا من النقيض كالخبر، بجامع أن اللفظ وضع لإفادة معنى، فلا بد وأن يكون مانعا من نقيضه تكميلا للمقصود، وتقوية لحصوله.
ولأن المطلوب لا بد وأن يكون قد اشتمل على مصلحة ويكون خاليا عن المفسدة عند المعتزلة، وراجحا في المصلحة عند غيرهم.
وعلى كلا التقديرين فالأصل عدم الإذن في تفويت المصلحة الخالصة، أو الراجحة، لاستلزامه الإذن في تفويت الخالصة، وهو قبيح.
ولأن شرعية المنع من الترك أرجح في الظن من شرعية الإذن فيه، لأنه أكثر إفضاءا إلى وجود الراجح الذي هو المطلوب في (1) الأول، ولا شك أن الذي يكون أكثر إفضاءا إلى الشئ الراجح، راجح في الظن على ما يكون أكثر إفضاءا إلى المرجوح.
ولأن الوجوب معنى تشتد الحاجة إليه، فوجب أن يوضع له لفظ يدل عليه كسائر المعاني، لاستلزام القدرة والداعي الفعل، ولا الفظ إلا صيغة (إفعل).
ولأن الحمل على الوجوب يقتضي القطع بعدم الإقدام على المخالفة، ومع الندب يحصل الشك، فالأول أولى.
وقولهم: العلم بإفادته للوجوب ليس بعقلي قطعا ولا نقلي، لفقدان التواتر وعدم إفادة الآحاد، وإن أهل اللغة قالوا: لا فرق بين الأمر والسؤال إلا الرتبة، فلو كان للوجوب لم يكن الحصر صادقا، ولأنه قد ورد للندب فلا يمكن جعله حقيقة فيهما، وإلا لزم الاشتراك، ولا في أحدهما، وإلا لزم المجاز، فكان للقدر المشترك، ليس بشئ