فيجب فيها الموالاة كالصلاة.
وأيضا: فهي عبادة تراد للصلاة متقدمة عليها مؤلفة من أشياء مختلفة، فيبطلها التفريق كالأذان.
ويمكن أن يحتج ها هنا بما رواه الجمهور، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال:
(يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن، والمقيم يوما وليلة، ثم ليحدث بعد ذلك وضوءا) (1).
فنقول: لو جاز التفريق، لأمر من نزع خفيه، بغسل رجليه والبناء على ما مضى، ولم يأمره بإعادة الجميع.
احتج: المخالفون بأنه قد أتى بالمأمور به، وهو مطلق الغسل الخالي عن قيدي الموالاة وعدمها، فوجب الإجزاء، ولأن الآية مطلقة فزيادة الشرط نسخ، ولأنها إحدى الطهارتين، فكيفما غسل جاز، سواء كان مع الموالاة أو لا معها كالغسل (2).
والجواب عن الأول: أن الآية دلت على وجوب الغسل، والنبي صلى الله عليه وآله بين كفيه ذلك المجمل، فإنه لم يتوضأ إلا مواليا، وأمر تارك الموالاة بإعادة الوضوء.
وعن الثاني: إنا قد بينا أن الزيادة ليست نسخا مطلقا، على أن هذا كيف يسمع من أبي حنيفة ومذهبه أن الأمر يقتضي الفور (3)، فأي زيادة ها هنا حينئذ، وهل معنى قولنا تجب الموالاة إلا وجوب الفور.
وعن الثالث: أن الفرق واقع بين غسل الجنابة والوضوء، لأن الغسل كالعضو الواحد.