الله) ولا خلاف في أن هذا ليس للكفار ولا أجر لهم البتة، وأما قوله عز وجل:
(وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) فكذلك أيضا إنما هو خطاب للمؤمنين خاصة يبين ذلك ضرورة قوله تعالى فيها: (وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) ولا خير لكافر أصلا صبر أو لم يصبر قال الله عز وجل:
(وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا): وأما قوله تعالى: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق) وقوله تعالى: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا) وقوله تعالى: (ثم بغى عليه لينصرنه الله) وقوله عز وجل: (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) الآية * والاخبار الثابتة التي فيها " النفس بالنفس " و " من قتل له قتيل فاما يودى وأما يقاد " فان كل ذلك يخص بقول الله عز وجل: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون) وبقوله تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) وبقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) فوجب يقينا ان المسلم ليس كالكافر في شئ أصلا ولا يساويه في شئ فإذ هو كذلك فباطل ان يكافئ دمه بدمه أو عضوه بعضوه أو بشرته ببشرته فبطل أن يستقاد للكافر من المؤمن أو يقتص له منه فيما دون النفس إذ لا مساواة بينهما أصلا، ولما منع الله عز وجل ان يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا وجب ضرورة أن لا يكون له عليه سبيل في قود ولا في قصاص أصلا ووجب ضرورة استعمال النصوص كلها إذ لا يحل ترك شئ منها * ومن فضائح الحنيفيين المخزية لقائلها في الدنيا والآخرة قطعهم يد المسلم بيد الذمي الكافر ومنعهم من قطع يد الرجل المسلم بيد المرأة الحرة المسلمة نعم ولا يقطعون يد الذمي الكلب ان تعمد قطع يد امرأة حرة مسلمة فاعجبوا لهذه المصائب مع قول الله عز وجل: (إنما المؤمنون اخوة) فان اعترضوا في الآية المذكورة بما روينا من طريق سفيان الثوري عن الأعمش عن زرعن يسيع الكندي قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال له: كيف تقرأ هذه الآية (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) وهم يقتلون يعنى المسلمين فقال على فالله يحكم بينهم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين يوم القيامة على المؤمنين سبيلا * قال أبو محمد رضي الله عنه: يسيع الكندي مجهول لا يدرى أحد من هو، وجواب هذا السائل ان هذه الآية حق واجب في الدنيا والآخرة إنما منع الله تعالى من أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل بحق يجعله الله تعالى له ويأمر بانفاذه للكافر على المسلم