وبالجملة فلم يقل أحد قبله بهذه التقسيمات وإنما تعلق بقول من أحد أقوال ثلاثة رويت عن زيد في أن اختارت نفسها فهي ثلاث فقط وخالفه في ذلك القول نفسه في الفرق بين المدخول بها وغير المدخول بها وفي تسوية زيد بين التخيير والتمليك فبطل تعلقه بزيد وقد خالف هذا القول قول لزيد آخر وقول لعمر وقول لعلى، وكل هذه الأقوال لا حجة في تصحيحها من قرآن ولا ستة ولا معقول ولا قول متقدم لم يخالفه فيه من هو مثله ولا قياس ولا رأى له وجه يعقل، واحتج من رأى أن التخيير له تأثير في الطلاق بان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نساءه * قال أبو محمد: أما المالكيون فلا متعلق لهم بذلك أصلا لأنهم يقولون: لا يكون التخيير الا في البقاء أو في الطلاق الثلاث ويقولون ان طلاق الثلاث بدعة ومعصية فكيف يجوز عندهم أن يخير رسول الله صلى الله عليه وسلم في انفاذ معصية حاش لله من هذا، وقال بعضهم: إنما خيرهن بين الدنيا والآخرة فقلنا قد بطل تعلقكم في أن للتخيير تأثيرا في الطلاق بتخييره صلى الله عليه وسلم نساءه إذ لم يخيرهن تخييرا عندكم يكن به ان اخترن الطلاق طوالق، وأما غيرهم فنقول لهم الآية نفسها تبطل دعواكم لان نصها (وان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا) فإنما نص الله تعالى أنه عليه الصلاة والسلام ان أردن الدنيا ولم يردن الآخرة طلقهن حينئذ من قبل نفسه مختارا للطلاق لا أنهن طوالق بنفس اختيارهن الدنيا ومن ادعى غير هذا فقد حرف كلام الله عز وجل واقحم في حكم الآية كذبا محضا ليس فيها منه نص ولا دليل * وموه بعضهم باخبار موضوعة منها ما رويناه من طريق ابن وهب. عن عبد الجبار بن عمر. ويحيى بن عبد الله كلاهما عن ربيعة ان واحدة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم اختارت نفسها فكانت البتة. وعبد الجبار بن عمر. ويحيى بن عبد الله هالكان ثم هو مرسل * ومن طريق ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم إذ خير نساءه تخيرت امرأة منهن نفسها فذهبت. وعبد الجبار قد بينا أمره وهو مرسل أيضا، ومن طريق ابن وهب. عن ابن لهيعة. عن يزيد بن أبي حبيب. عن عمرو بن شعيب بنحو ذلك قال: وهي بنت الضحاك العامري، ابن لهيعة لا شئ ولا مرسل أيضا وما تزوج عليه الصلاة والسلام قط بنت الضحاك العامري، ويوضح كذب هذه الفضائح الخبر الثابت الذي رويناه من طرق * منها من طريق مسلم حدثني حرملة بن يحيى نا ابن وهب حدثني يونس بن يزيد. عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ان عائشة قالت
(١٢٣)