عمر. وابن عباس وبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقط، وعن نفر من التابعين نحو العشرة، ومثل هذا لا يجوز أن يقطع به على جميع الأمة إلا غافل أو مستسهل للكذب والقطع مما لاعلم له به فان صح اجماع متيقن في دية العين فنحن قائلون به، والا فقد حصلنا على السلامة فالاجماع المتيقن في هذا بعيد ممتنع أن يوجد في مثل هذا لان الاجماع حجة من حجج الله تعالى المتيقنة الظاهرة التي قد قطع الله تعالى به العذر وأبان بها الحجة وحسم فيها العلة، ومثل هذا لا يستتر على أهل البحث والحقائق لا تؤخذ بالدعاوي فإذ لا اجماع في ذلك فلا يجب في الخطا شئ لقول الله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) * قال أبو محمد: فاما قول مالك في أن في عين الأعور الدية فإنه وان تعلق بما جاء وصح عن بعض الصحابة فإنه قد تناقض في القياس، والعجب أن قولا ينسبه بعض أصحابه إليه من أنه يرى أن القياس أقوى من خبر الواحد ثم ههنا قد ترك القياس الذي لو صح قياس في العالم (1) لكان هذا هو ذلك الذي يصح وهو انه فرق بين سمع امرئ لا يسمع إلا باذن واحدة ويد انسان اقطع ورجل اقطع فلم ير في كل ذلك إلا نصف الدية ورأي في عين الأعور الدية كاملة وليس لهم ان يدعوا في هذا اجماعا لان في هذا اختلافا سنذكره إن شاء الله تعالى في باب يد الأقطع وسمع ذي الاذن الواحدة وبالله تعالى نتأيد، فان قالوا: إنما قلنا ذلك لان عين الأعور هي بصره كله فالواجب في ذلك ما يجب في البصر كله قلنا لهم: هذا يبطل عليكم من وجهين أحدهما انه إن كان كما تقولون فيجب عليكم ان تقيدوه من عيني الصحيح معا لأنه بصر ببصر لا على قولكم وأنتم لا تقولون ذلك (2) والثاني انه يقال لكم وسمع ذي الاذن الواحدة الصماء هو سمعه كله وهو له أنفع وأقوى وأقرب من تمام السمع من عين الأعور فان الأعور لا يرى إلا من جهة واحدة فقط فنما هو نصف بصره وكذلك يد الأقطع هي محل تصرفه ورجل الأقطع أيضا فاجعلوا في كل ذلك دية وأنتم لا تفعلون ذلك، ووجه ثالث وهو انه لا يجب على أصلكم هذا أن تقيدوا ذا عينين فقأ إحداهما أعور فأنتم تقيدون من الأعور ولا اجماع في هذا فقد أقدتم بصرا كاملا بنصف بصر، وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن عثمان بن سعيد عن قتادة عن أبي عياض ان عثمان بن عفان قضى في رجل أعور فقأ عين صحيح قال: لا قود عليه وعليه دية عينه، وقال سعيد بن المسيب: لا يقاد من الأعور وعليه دية كاملة وإن كان عمدا، وعن عبد الرزاق عن ابن جريج قلت لعطاء: الأعور يصيب عين انسان عمدا
(٤٢٠)