أحدهما تعمد ترك صلاة فرض (1) حتى يخرج وقتها، والثاني قتل مؤمن أو مؤمنة عمدا بغير حق * أما الصلاة فقد ذكرناها في كتاب الصلاة * وأما القتل فقال عز وجل: (وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطأ) وقوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)، روينا من طريق البخاري نا على - هو ابن عبد الله - نا إسحاق بن سعيد بن عمر وبن سعيد بن العاصي عن أبيه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما " قال البخاري: ونا احمد ابن يعقوب نا إسحاق - هو ابن سعيد المذكور - عن أبيه انه سمعه يحدث عن ابن عمر أنه قال: " ان من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله " * 2019 مسألة: والقتل قسمان عمد وخطأ * برهان ذلك الآيتان اللتان ذكرنا آنفا فلم يجعل عز وجل في القتل قسما ثالثا، وادعى قوم ان ههنا قسما ثالثا وهو عمد الخطأ وهو قول فاسد لأنه لم يصح في ذلك نص أصلا وقد بينا سقوط تلك الآثار في كتاب الايصال والحمد لله رب العالمين، مع أن الحنيفيين والشافعيين القائلين بشبه العمد هم مخالفون لتلك الآثار الساقطة التي موهوا بها فيما فيها من صفة الدية وغير ذلك على ما بينا في غير هذا الموضع، وهو عندهم ينقسم قسمين، أحدهما ما تعمد به المرء مما قد يمات من مثله وقد لا يمات من مثله * قال أبو محمد رضي الله عنه: هذا عمد وفيه القود أو الدية كما في سائر العمد لأنه عدوان، وقال عز وجل: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) والثاني ما تعمد به مما لا يموت أحد أصلا من مثله فهذا ليس قتل عمد ولا خطأ ولا شئ فيه الا الأدب فقط * ومن عجائب الأقوال ههنا ان الحنيفيين يقولون: من أخذ حجرا من قنطار فضرب متعمدا رأس مسلم ثم لم يزل يضربه به حتى شدخ رأسه كله فإنه لا قود فيه وليس قتل عمد، وكذلك لو تعمد ضرب رأسه بعود غليظ حتى يكسره كله ويسيل دماغه ويموت ولافرق * وقال المالكيون من ضرب بيده في فخذ مسلم فمات المضروب أثر الضربة ففيه القود ويقتل الضارب * وسماع هذين القولين يكفي من تكلف الرد عليهما * قال أبو محمد: رضي الله عنه: فالخطأ من رمى شيئا فأصاب مسلما لم يرده بما قد يمات