قال أبو محمد: ثم استدركنا النظر في قول الله تعالى: (1) (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وقوله تعالى: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن) فوجدنا المعتدة إذا حاضت في العدة فليست من اللائي يئسن من المحيض ولا من اللائي لم يحضن بلا شك بل هي من اللائي حضن فوجب ضرورة ان عدتها ثلاثة قروء، ومن الباطل أن تكون من اللائي يحضن وتكون عدتها الشهور فصح أن حكم الاعتداد بالشهور قد بطل وإن كان بعض العدة، وصح انها تنتقل إلى الأقراء، أو إلى وضع الحمل إن حملت، وأما انتقالها إلى عدة الوفاة إن كان الطلاق رجعيا فقط وإلا فلا فلأنها زوجة ترثه ويرثها فهي متوفى عنها فيلزمها بالوفاة عدة الوفاة، وبالله تعالى التوفيق * 1997 مسألة: وأما المستحاضة التي لا يتميز دمها ولا تعرف أيام حيضتها فان كانت مبتدأة لم يكن لها أيام حيض قبل ذلك بعدتها فعدتها ثلاثة أشهر لأنها لم يصح منها حيض قط فهي من اللائي لم يحضن فان كانت ممن كان لها حيض معروف فنسيته أو نسيت مقداره ووقته فعليها أن تتربص مقدارا توقن فيه انها قد أتمت ثلاثة أطهار وحيضتين وصارت في الثالثة ولابد، فإذا مضى المقدار المذكور فقد حلت لأنها من ذوات الأقراء بلا شك فعليها اتمام ثلاثة قروء وأما إذا تميز دمها فأمرها بين إذا رأت الدم الأسود فهو حيض، وإذ رأت الأحمر أو الصفرة فهو طهر، وكذلك التي لا يتميز دمها إلا أنها تعرف أيامها فإنها تعتد إذا جاءت أيامها التي كانت تحيض فيها حيضا وبأيامها التي كانت تطهر فيها طهرا، وقد ذكرنا برهان ذلك في كتاب الحيض في الطهارة من ديواننا هذا فأغنى عن اعادته، وهي أخبار ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا، وأما المستريبة فان كانت عدتها بالأقراء أو بالشهور فأتمتها إلا أنها تقدر أنها حامل وليست مؤقتة بذلك ولا بأنها ليست حاملا، فهذه امرأة لم توقن انها من ذوات الأقراء قطعا ولا توقن انها من ذوات الشهور حتما ولا توقن انها من ذوات الأحمال (2) بتلا هذه صفتها بلا شك نعمل ذلك حسا ومشاهدة فإذا هي كذلك فلا بدلها من التربص حتى توقن انها حامل فتكون عدتها وضع حملها أو توقن انها ليست حاملا فتتزوج ان شاءت إذا أيقنت انها لأحمل بها لأنها قد تمت عدتها المتصلة بما أوجبها الله تعالى من الطلاق، اما الأقراء واما المشهور، وبالله تعالى التوفيق * وأقصى ما يكون التربص من آخر وطئ وطئها زوجها خمسة أشهر فلا سبيل إلى أن تتجاوزها
(٢٦٨)