فوجدناهم يحتجون بالخبر الذي ذكرناه قبل من طريق الحسن بن عمرو بن أمية وقد بينا سقوطه، وذكروا أيضا أثرا آخر من طريق أبى داود نا عبد العزيز بن يحيى - هو أبو الأصبغ الحراني - حدثني محمد - يعنى ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر وابان بن صالح وهشام بن عروة قال أبو جعفر: ان بريرة وقال ابان عن مجاهد أن بريرة وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن بريرة عتقت ثم اتفقوا كلهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرها وقال لها ان قربك فلا خيار لك * قال أبو محمد: أبو الأصبغ الحراني ضعيف منكر الحديث، قال أبو محمد:
وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لها الخيار فلا يجوز أن يسقطه وطؤه ولا طول مقامه (1) معها إذ لم يصح بذلك نص ولا يبطل حكمه عليه الصلاة والسلام بالآراء ولا حجة في أحد دونه عليه الصلاة والسلام وبالله تعالى التوفيق، قال قوم:
لا تخير المكاتبة إذ أعتقت صح عن إبراهيم النخعي ان أعانها زوجها في كتابتها فلا خيار لها، وصح عن الحسن لا خيار للمكاتبة إذا أعتقت وهو قول عطاء وأبى قلابة.
والزهري، وصح عن ابن سيرين. والشعبي. ورويناه عن جابر بن زيد أن لها الخيار، وبه يقول أبو حنيفة. ومالك. والشافعي. وأبو سليمان وأصحابهم وبه نقول:
وقال سفيان الثوري ان تزوجها بعد الكتابة فلا خيار لها وان تزوجها قبل الكتابة أو كانت معه فلها الخيار * قال أبو محمد: خير رسول الله صلى الله عليه وسلم المعتقة ولم يخص مكاتبة من غيرها فلا يجوز أن يخص معتقة من معتقة * ومما اختلفوا فيه هل اختيارها فراق زوجها فسخ أو طلاق؟ فصح عن قتادة انها واحدة بائنة، ورويناه عن عمر بن عبد العزيز وهو قول أبي حنيفة، ومالك وأصحابهما، عن عطاء انها طلقة واحدة، وصح انه فسخ لا طلاق عن حماد بن أبي سليمان، وإبراهيم النخعي، ورويناه عن طاوس وهو قول الشافعي: وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. وأبي سليمان. وأصحابهم * قال أبو محمد: التسمية في الشريعة ليست إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قط فراق المعتقة لزوجها طلاقا ولا جعل له من أحكام الطلاق غير العدة وحدها فلا يحل تسميته طلاقا، قال تعالى: (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس، وقد جاءهم من ربهم الهدى) فصح انه ليس طلاقا، لكنه فراق أو فسخ أو نقض نكاح وكل اسم يعبر به عن بطلان عصمة النكاح فقط وبالله تعالى التوفيق *