فقال له على: لا تنكحها ونهاه عنها، وكان علي بن أبي طالب يقول: ان سقته امرأته من لبن سريته أو سقته سريته من لبن امرأته لتحرمها عليه فلا يحرمها ذلك * قال أبو محمد: هذا عليهم لا لهم لان فيه رضاع الكبير والتحريم به وهم لا يقولون بذلك، وفيه ان رضاع الضرائر لا يحرم عند على وهم لا يقولون بهذا * 1867 مسألة قال أبو محمد: وان ارتضع صغير أو كبير من لبن ميتة أو مجنونة أو سكرى خمس رضعات فان التحريم يقع به لأنه رضاع صحيح، وقال الشافعي:
لا يقع بلبن الميتة رضاع لأنه نجس، قال على: هذا عجب جدا ان يقول في لبن مؤمنة انه نجس وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المؤمن لا ينجس) وقد علمنا أن المؤمن في حال موته وحياته سواء هو طاهر في كلتا الحالتين، ولبن امرأة بعضها وبعض الطاهر طاهر الا أن يخرجه عن الطهارة نص فيوقف عنده ثم يرى لبن الكافرة طاهرا يحرم وهو بعضها، والله تعالى يقول: (إنما المشركون نجس) وبعض النجس نجس بلا شك، فان قيل:
فأنتم تقولون: ان لبن الكافرة نجس بلا شك وأنتم تجيزون مع ذلك استرضاع الكافرة قلنا: لان الله تعالى أباح لنا نكاح الكتابية وأوجب على الام رضاع ولدها وقد علم الله تعالى أنه سيكون لنا أولاد منهن (وما كان ربك نسيا) الا اننا نقول: إن غير الكتابية لا يحل لنا استرضاعها لأنها ليست مما أبيح لنا اتخاذهن أزواجا وطلب الولد منهن فبقي لبنها على النجاسة جملة وبالله تعالى التوفيق * ثم نقول: لو خالط لبن المرضعة دم ظاهر من فم المرضع أو غير ذلك من المحرمات لحرم كما يحرم الذي لم يخالطه شئ من ذلك لأننا قد بينا في كتاب الطهارة من كتابنا هذا وغيره أن النجس والحرام إذا خالطهما الطاهر الحلال فان الطاهر طاهر والنجس نجس والحلال حلال والحرام حرام فالمحرم هو اللبن لاما خالطه من حرام أو نجس ولكل شئ حكمه وبالله تعالى التوفيق، ولبن المشركة إنما ينجس هو وهي بذلك لدينها النجس فلو أسلمت لطهرت كلها فلا رضاعها حكم الارضاع في التحريم لما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق * 1868 مسألة ولا يحرم من الرضاع الا خمس رضعات تقطع كل رضعة من الأخرى أو خمس مصات مفترقات كذلك أو خمس ما بين مصة ورضعة تقطع كل واحدة من الأخرى هذا إذا كانت المصة تغنى شيئا من دفع الجوع والا فليست شيئا ولا تحريم شيئا، وهذا مكان اختلف فيه السلف فروى عن طائفة أنه لا يحرم الا عشر رضعات لا أقل من ذلك كما روينا من طريق مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت به إلى أم كلثوم أختها بنت أبي بكر الصديق