وإبراهيم ما أريد به الطلاق فهو طلاق * قال أبو محمد: لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم: فان قالوا: الورع له أن يفارقها. قلنا إنما الورع لكل مفت في الأرض أن لا يحتاط لغيره بما يهلك به نفسه وأن لا يستحل تحريم فرج امرأة على زوجها واباحته لغيره بغير حكم من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)، وروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن طاوس عن ابن عباس انه كان لا يرى الفداء طلاقا حتى يطلق قال ابن عباس: الا ترى انه عز وجل ذكر الطلاق من قبله ثم ذكر الفداء فلم يجعله طلاقا ثم قال في الثالثة (فان طلقها فلا تحل له من بعد) فهذا ابن عباس بأصح اسناد عنه لا يرى طلاقا الا بلفظ الطلاق أو ما سماه الله عز وجل طلاقا وهذا هو قولنا وقد ذكرنا خلاف أبي حنيفة ومالك لكل من روى عنه في ذلك شئ من الصحابة رضي الله عنهم وما قالاه مما لم يقله أحد قبلهما بغير نص في ذلك أصلا * 1959 مسألة: ولا تجوز الوكالة في الطلاق لان الله عز وجل يقول: (ولا تكسب كل نفس الا عليها) فلا يجوز عمل أحد عن أحد إلا حيث أجازه القرآن أو السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز كلام أحد عن كلام غيره إلا حيث أجازه القرآن أو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأت في طلاق أحد عن أحد بتوكيله إياه قرآن ولا سنة فهو باطل، والمخالفون لنا أصحاب قياس بزعمهم وبالضرورة يدرى كل أحد أن الطلاق كلام والظهار كلام واللعان كلام والايلاء كلام، ولا يختلفون في أنه لا يجوز أن يظاهر أحد عن أحد، ولا أن يلاعن أحد عن أحد ولا أن يولى أحد عن أحد لا بوكالة ولا بغيرها فهلا قاسوا الطلاق على ذلك؟ ولكن لا النصوص يتبعون ولا القياس يحسنون، وكل مكان ذكر الله تعالى فيه الطلاق فإنه خاطب به الأزواج لا غيرهم فلا يجوز أن ينوب غيرهم عنهم لا بوكالة ولا بغيرها لأنه كان يكون تعديا لحدود الله عز وجل، وقد قال تعالى: (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) وقال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم فلا خيار لاحد في خلاف ما جاء به النص وما نعلم إجازة التوكيل في الطلاق عن أحد من المتقدمين الا عن إبراهيم والحسن * 1960 مسألة: ومن كتب إلى امرأته بالطلاق فليس شيئا، وقد اختلف الناس في هذا، فروينا عن النخعي والشعبي والزهري إذا كتب الطلاق بيده فهو طلاق
(١٩٦)