في تغليب العافي فنظرنا في ذلك فوجدنا الله تعالى يقول (ولا تكسب كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) فوجب بهذه الآية أن لا يجوز عفو العافي عمن لم يعف ووجدنا القاتل قد حل دمه بنفس القتل كما حدثنا عبد الله بن ربيع نا عمر بن عبد الملك نا محمد ابن بكر نا أبو داود سليمان بن حرب نا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كنا مع عثمان بن عفان رضي الله عنه - وهو محصور - فخرج الينا وهو متغير لونه فقال: يتواعدوني بالقتل آنفا وبم يقتلونني؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يحل دم امرئ مسلم الا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد اسلامه أو زنى بعد احصان أو قتل نفسا بغير نفس فيقتل فوالله ما زنيت في جاهلية ولا اسلام قط ولا أحببت أن لي بديني بدلا مذ هداني الله تعالى ولا قتلت نفسا " * قال أبو محمد: فصح بقول النبي صلى الله عليه وسلم أن من قتل نفسا فقد خرج دمه من التحريم إلى التحليل بنفس قتله من قتل، فإذ صح هذا فالقاتل متيقن تحليل دمه والداعي إلى أخذ القود داع إلى ما قد صح بيقين وذلك له والعافي مريد تحريم دم قد صح تحليله بيقين فليس له ذلك الا بنص أو اجماع ومريد أخذ الدية دون من معه مريد إباحة أخذ مال والأموال محرمة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام " والنص قد جاء بإباحة دم القاتل كما قلنا بيقين قتله ولم يأت نص بإباحة الدية الا بأخذ الأهل لها، وهذا لفظ يقتضى اجماعهم على أخذها فالدية ما لم يجمع الأهل على أخذها لا يحل أخذها إذ لم يبحها نص ولا اجماع فبطل بيقين وصح أن من دعا إلى القود فهو له وهو قول مالك في البنات مع العصبة الا أنه ناقض في ذلك مع البنين والبنات وفى بعض البنين مع بعض * قال أبو محمد: والذي نقول به أن كل ذلك سواء وان الحكم للأهل وهم الذين يعرف المقتول بالانتماء إليهم كما كان يعرف عبد الله بن سهل بالانتماء إلى بنى حارثة وهم الذين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقسم منهم خمسون ويستحقون القود أو الدية وان من أراد منهم القود سواء كان ولدا أو ابن عم [أو ابنة] أو أختا أو غير ذلك من أم أو زوج أو زوجة أو بنت عم أو عمة فالقود واجب ولا يلتفت إلى عفو من عفا ممن هو أقرب أو أبعد أو أكثر في العدد لما ذكرنا فان اتفق الورثة كلهم على العفو فلهم الدية حينئذ ويحرم الدم فان أراد أحد الورثة العفو عن الدية فله ذلك في حصته خاصة إذ هو مال من ماله وبالله تعالى التوفيق * 2079 مسالة مقتول كان في أوليائه غائب أو صغير أو مجنون، اختلف الناس في هذا فقال أبو حنيفة: إذا كان للمقتول بنون وفيهم واحد كبير وغيرهم صغار ان
(٤٨٢)