قال أبو محمد: القول في هذا عندنا وبالله تعالى التوفيق هو ان الذين لم يسقوه ان كانوا يعلمون انه لاماء له البتة الا عندهم ولا يمكنه ادراكه أصلا حتى يموت فهم قتلوه عمدا (1) وعليهم القود بان يمنعوا الماء حتى يموتوا كثروا أو قلوا ولا يدخل في ذلك من لم يعلم بأمره ولا من لم يمكنه أن يسقيه، فان كانوا لا يعلمون ذلك ويقدرون أنه سيدرك الماء فهم قتلة خطأ وعليهم الكفارة وعلى عواقلهم الدية ولابد * برهان ذلك قول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) وقال تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) وقال تعالى: (والحرمات قصاص)، وبيقين يدرى كل مسلم في العالم أن من استقاه مسلم وهو قادر على أن يسقيه فتعمد أن لا يسقيه إلى أن مات عطشا فإنه قد اعتدى عليه بلا خلاف من أحد من الأمة وإذا اعتدى فواجب بنص القرآن أن يعتدى على المعتدى بمثل ما اعتدى به فصح قولنا بيقين لا اشكال فيه وأما إذا لم يعلم لذلك فقد قتله إذ منعه مالا حياة له الا به فهو قاتل خطأ فعليه ما على قاتل الخطأ * قال أبو محمد: وهكذا القول في الجائع والعاري ولا فرق وكل ذلك عدوان وليس هذا كمن اتبعه سبع فلم يؤوه حتى أكله السبع لان السبع هو القاتل له ولم يمت في جنايتهم ولا مما تولد من جنايتهم ولكن لو تركوه فأخذوه السبع وهم قادرون على انقاذه فهم قتلة عمد، إذ لم يمت في شئ الا من فعلهم وهذا كمن أدخلوه في بيت ومنعوه حتى مات ولا فرق، وهذا كله وجه واحد وبالله تعالى التوفيق * 2098 مسألة دية الكلب * قال أبو محمد: نا أحمد بن عمر نا أبو ذر الهروي نا أحمد بن عبدان الحافظ النيسابوري في داره بالأهواز انا محمد بن سهل المقرى نا محمد ابن إسماعيل البخاري نا أبو نعيم - هو أفضل بن دكين - قال لي قتيبة نا هشيم عن يعلى ابن عطاء عن إسماعيل - هو ابن جساس - انه سمع عبد الله بن عمرو قضى في كلب الصيد أربعين درهما * ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يعلى بن عطاء عن إسماعيل بن جساس قال كنت عند عبد الله بن عمرو فسأله رجل ما عقل كلب الصيد قال: أربعون درهما قال:
فما عقل كلب الغنم قال: شاة من الغنم قال: فما عقل كلب الزرع؟ قال: فرق من الزرع قال فما عقل كلب الدار؟ قال فرق من تراب حق على القاتل ان يؤديه وحق على صاحبه أن يقبله وهو ينقص من الاجر وفى الكلب الذي ينبح ولا يمنع زرعا ولا دارا ان طلبه صاحبه ففرق من تراب والله انا لنجد هذا في كتاب الله تعالى *