ما تيسر من أقوال الفقهاء بعدهم إذ العمدة في الدين بعد القرآن وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو اجماع الصحابة رضي الله عنهم واختلافهم وليس كذلك من بعدهم * وقد روينا من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عفان - هو ابن مسلم - نا حماد بن سلمه انا ثابت البناني عن أنس " ان أخت الربيع أم حارثة جرحت انسانا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: القصاص القصاص فقالت أم الربيع: يا رسول الله أيقتص من فلانة؟ والله لا يقتص منها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله يا أم الربيع القصاص كتاب الله قالت:
لا والله لا يقتص منها أبدا قال: فما زالت حتى قبلوا الدية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " * حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن إسحاق بن السليم نا ابن الاعرابي نا أبو داود نا مسدد نا المعتمر - هو ابن سليمان - عن حميد الطويل عن أنس ابن مالك قال: " كسرت الربيع أخت أنس بن النضر ثنية امرأة فاتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بكتاب الله تعالى القصاص فقال أنس بن النضر: والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها اليوم فقال: يا أنس كتاب الله القصاص فرضوا بأرش أخذوه فعجب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: النبي صلى الله عليه وسلم ان من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " قال أبو داود: سألت أحمد بن حنبل كيف يقتص من السن قال يبرده * وروينا من طريق البخاري نا محمد الفزاري - هو أبو إسحاق - عن حميد الطويل عن أنس قال: " كسرت الربيع ونهى عمة أنس بن مالك ثنية جارية من الأنصار فطلب القوم القصاص فاتوا النبي صلى الله عليه وسلم فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص فقال أنس بن النضر عم انس بن مالك: " والله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا أنس كتاب الله القصاص فرضى القوم وقبلوا الأرض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " * قال أبو محمد: فهما حديثان متغايران وحكمان اثنان في قضيتين مختلفتين لجارية واحدة، أحد الحكمين في جراحة جرحتها أم الربيع انسانا فقضى عليه الصلاة والسلام بالقصاص من تلك الجراحة فحلفت أمها انها لا يقتص منها فرضوا بالدية فأبر الله تعالى قسمها، والحكم الثاني في ثنية امرأة كسرتها الربيع فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص في ذلك فحلف أنس بن النضر أخوها أن لا يقتص منها فرضوا بأرش أخذوه وأبر الله تعالى قسمه فلاح كما ترى انهما حديثان جراحة وثنية ودية وأرش وحلفت أمها في الواحدة وحلف أخوها في الثانية وكان هذا قبل أحد لان أنس بن النضر رضي الله عنه قتل يوم أحد بلا خلاف، وهذا الحديث بين واضح ان كل ما أخذه من له القصاص من جرح أو نفس فهو دية سواء كان ذلك شيئا مؤقتا محدودا وكان قد تراضوا به في ترك القصاص الواجب *