عن يحيى بن أبي كثير عن أبي ميمونة عن أبي هريرة " أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد طلقها زوجها فأرادت أن تأخذ ولدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما عليه ثم قال عليه الصلاة والسلام للغلام تخير أيهما شئت فاختار أمه قلنا: أبو ميمونة هذا مجهول ليس هو والد هلال الذي روى عنه ثم إذا تدبر لم تكن فيه حجة لأنه ليس فيه انه لو تخير أباه قضى له به، وأيضا فنحن لا ننكر تخييره إذا كان أحد الأبوين أرفق به، ولا شك في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخير بين خير وشر ولا شك في أنه عليه الصلاة والسلام لا يخير إلا بين خيرين، وكذلك نحن على يقين من أنه عليه الصلاة والسلام لا يترك أحدا على اختياره ما هو فساد له في دينه أو في حالته فقد يسوء اختيار الصغير لنفسه ويميل إلى الراحة والاهمال فلا شك في أنه عليه الصلاة والسلام إن كان خير الصبي فلم ينفذ اختياره إلا وقد اختار الذي يجب ان يختار لا يجوز غير ذلك أصلا. فان قيل: فقد ذكر تم ما حدثكم عبد الله ابن ربيع التميمي نا محمد بن معاوية القرشي نا أحمد بن شعيب النسائي نا محمود بن غيلان نا عبد الرزاق أرنا سفيان هو الثوري عن عثمان التبين عن عبد الحميد الأنصاري عن أبيه عن جده " انه لما أسلم وأبت امرأته ان تسلم فجاء ابن لها صغير لم يبلغ ثم خيره عليه الصلاة والسلام بينهما فاختار أمه فقال: اللهم اهده فذهب إلى أبيه " قلنا: هذا خبر لم يصح قط لان الرواة له اختلفوا فقال عثمان البتي: عبد الحميد الأنصاري عن أبيه عن جده، وقال مرة أخرى: عبد الحميد بن يزيد بن سملة ان جده أسلم، وقال مرة أخرى:
عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده، وقال عيسى: عبد الحميد بن جعفر أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان، وكل هؤلاء مجهولون ولا يجوز تخيير بين كافر ومسلم أصلا، فهذا ما يذكر من الآثار في هذا الباب * وأما ما جاء عن السلف فيه فروينا من طريق الزهري وعكرمة انه قضى بحضانة ابن لعمر بن الخطاب لام الصبي وأقل: هي أحق به ما لم تتزوج وكان عمر نازعها فيه وخاصمها إلى أبى بكر وهذان منقطعان * ومن طريق ابن وهب عن ابن لهيعة عن غير واحد من الأنصار وغيرهم ان أم عاصم بن عمر تزوجت فقضى أبو بكر بعاصم لام أمه وقد كان عمر يخاصمها فيه وهذا لا شئ لان ابن لهيعة ساقط فكيف وهو عمن لا يدرى * ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عطاء الخراساني عن ابن عباس ان عمر خاصم امرأته أم ابنه عاصم إلى أبى بكر إذ طلقها وقال: انا أحق به فقال له أبو بكر: ريحها وحرها وفراشها خير له منك حتى يشب ويختار لنفسه وقضى أبو بكر لها به * ومن طريق القاسم بن محمد ان أبا بكر قضى لجدة عاصم بن عمر أم أمه