قول أبي حنيفة يحتجون بما يجب من العدل بين النساء، وبالخبر الثابت الذي فيه " ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " * قال أبو محمد: الذي قال هذا القول هو الذي حكم للبكر بسبع زائدة وللثيب بثلاث زائدة، ولا يحل لاحد ان يترك قولا له عليه الصلاة والسلام لقول له آخر ما دام يمكن استعمالهما جميعا بأن يضم بعضها إلى بعض أو بأن يستثنى بعضها من بعض ومن تعدى هذا فهو عاص لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم * ومن عجائب الدنيا ان الحنيفيين المخالفين بأهوائهم الفاسدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ههنا يوجبون في القسمة للزوجة الحرة ليلتين وللزوجة الأمة ليلة وهذا هو الميل حقا والجور صراحا لا سيما مع قولهم إن للحرة اليهودية والنصرانية ليلتين وللأمة المسلمة ليلة ولا يستحيون من هذا التفصيل بالباطل، وقال بعضهم: قد جاء في ذلك أثر عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لا يعرف ثم لو صح لكان لا يجوز الاخذ به لأنه مرسل * وعجب آخر وهو انهم يجيزون لمن له زوجة حرة مسلمة وأمة نصرانية أن يقسم للحرة ليلة ولمملوكة اليهودية ثلاث ليال فاعجبوا لهذه الفضائح، ولهم ههنا اعتراضات تشهد بقلة حياء المعترض بها ورقة دينه كتعلقهم بقوله عليه الصلاة والسلام: " ان سبعت لك سبعت لنسائي " فقالوا: هذا حديث يوجب التسوية ونسوا أنفسهم في قوله عليه الصلاة والسلام في هذا الخبر نفسه: " وان شئت ثلثت ودرت " فاعترضوا بعقولهم الركيكة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلوه العدل والحساب، وقالوا: إنما كان ينبغي لو سبع عندها أن يحاسبها بالأربع ليال الزائدة على الثلاث التي هي حقها * قال أبو محمد: وهذا من الحمق ورقة الدين في النهاية القصوى لأنه لا يجب حق لاحد الا ان يوجبه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فالذي أوجب لها ثلاث ليال تخص بها دون ضرتها هو الذي أسقطها ان سبع عندها لا يعترض عليه الا كافر نعوذ بالله من الضلال * قال أبو محمد: فان قالوا: فما قولكم ان أقام عند الثيب أكثر من ثلاث وأقل من سبع أو أكثر من سبع أو أقام عند البكر الثيب أكثر من سبع ولها ضرة أو ضرائر زوجات قلنا: نعم اما ان أقام عند الثيب أكثر من ثلاث وأقل من سبع فلا يحاسبها الا بما زاد على الثلاث واما ان أقام عندها أو عند البكر أكثر من سبع فإنه يحاسب الثيب بجميع ما أقام عندها ويوفى ضرتها أو ضرائرها مثل ذلك كله ولا يناسب
(٦٥)