دليل بأنه منسوخ، هذا منسوخ هذه صفة الكذابين الفساق المفترين على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بالكذب * وقالوا ان الشعبي هو أحد رواة ذلك الخبر (1) وهو يرى قتل المؤمن بالذمي فقلنا: هذا لم يصح قط عن الشعبي لأنه لم يروه إلا ابن أبي ليلى وهو شئ الحفظ، وداود بن يزيد الزغافري وهو ساقط، ثم لو صح ذلك عنه لكان الواجب رفض رأيه واطراحه والاخذ بروايته لأنه وغيره من الأئمة موثوق بهم في أنهم لا يكذبون لفضلهم غير موثوق بهم بأنهم لا يخطئون بل كل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير معصوم من الخطأ ولابد وليس يخطئ أحد في الدين إلا لمخالفة نص قرآن أو نص سنة بتأويل منه قصد به الحق فأخطأه، وقد أفردنا بابا ضخما (2) في كتابنا الموسوم بالاعراب فيما أخذ به الحنيفيون من السنن التي خالفها من رواها من الصحابة رضي الله عنهم، وهذا من أبرد ما موهوا به فهذا ما اعترضوا به قد أوضحنا سقوط أقوالهم فيه * وأما احتجاجهم بخبر ابن المنكدر. وربيعة عن ابن البيلمان فمرسلان ولا حجة في مرسل، فان لجوا قلنا لهم دونكم مرسلا مثلهما نا حمام بن أحمد نا ابن مفرج نا ابن الاعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن شعيب " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم قتل رجلا من أهل الكتاب أربعة آلاف درهم وانه ينفى من ارضه إلى غيرها " وذكر ان عمر بن عبد العزيز قضى بذلك، وأما قصة عبيد الله بن عمر بن الخطاب وقتله الهرمزان وجفينة وبنت أبى لؤلؤة فليس في الخبر نص ولا دليل على أن أحدا قال بقتل جفينة فبطل بذلك دعواهم وصح انه إنما طولب بدم الهرمزان فقط وكان مسلما ولا خلاف في القود للمسلم من المسلم فلا يجوز أن يقحم في الخبر ما ليس فيه بغير نص ولا اجماع * وأما احتجاجهم بأنه كما يجب قطع يد المسلم إذا سرق مال ذمي فكذلك يجب قتله به فقياس فاسد والقياس كله باطل ثم لو صح القياس لكان هذا منه عين الباطل لان القود والقصاص للمسلم من الذمي حق للذمي عندهم له طلبه وله تركه والعفو عنه، وهذا هو السبيل الذي منع الله عز وجل منا ولم يجعلها لكافر على مسلم وليس كذلك القطع في السرقة ليس هو من حقوق المسروق منه المال ولا له طلبه دون غيره ولا له العفو عنه إنما هو حق لله عز وجل أمر به شاء المسروق منه أو أبى فلا سبيل فيه للذمي على المسلم أصلا * وأما قولهم انا نحد المسلم إذا قذف الذمي قلنا نعم وكذلك نحده إذا قذف الحربي ولافرق لما ذكرنا في القطع في السرقة من أنه ليس كلا الامرين حقا للذمي ولا للمقذوف ولا للمسروق منه ولا لهما العفو عنه ولا طلبه دون سائر الناس إنما الحد في القذف حق الله تعالى أمر به كما هو
(٣٥٦)