قال: قتل رجل في البلد الحرام في شهر حرام فقال ابن عباس: ديته اثنا عشر ألف درهم وللشهر الحرام أربعة آلاف وللبلد الحرام أربعة آلاف * قال أبو محمد رضي الله عنه: الحنيفيون والمالكيون مخالفون لهذا الحكم عاصون له فسقط أن يكون لهم تعلق بأحد من الصحابة رضي الله عنهم فعارضهم الحنيفيون فقالوا:
قد رويتم من طريق وكيع عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عبيدة السلماني قال: وضع عمر بن الخطاب الديات فوضع عل أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم * قال أبو محمد رضي الله عنه: ابن أبي ليلى سيئ الحفظ فخبرهم ساقط كخبر المالكيين وليس الذي رواه المالكيون بأولى من هذا الحديث فتدافعت هذه الأخبار الساقطة مع تناقضها فوجب اطراحها وقال الحنيفيون قد صح اجماعنا على عشرة آلاف ذرهم فقلنا كذبتم وأفكتم قد روينا من طريق حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطأة عن مكحول ان عمر بن الخطاب جعل الدية ثمانية آلاف درهم فان قلتم هذا منقطع وعن الحجاج وهو ضعيف قلنا: وابن أبي ليلى وسائر ما روى في ذلك عن عمر منقطع أو ضعيف كما بينا قبل ولا فرق، وقالوا أيضا: قد صح ان الدينار في الزكاة بعشرة دراهم فوجب أن يكون في الدية كذلك * قال أبو محمد رضي الله عنه: قلنا كذبتم وافكتم لان ابن أبي ليلى وشريك بن عبد الله. والحسن بن حي والشافعي وغيرهم لا يرون جمع الفضة إلى الذهب في الزكاة أصلا ولا يختلفون في أن من كان معه عشرون مثقالا من ذهب غير حبة ومائتا درهم فضة غير حبة وأقام كل ذلك عنده حولا كاملا فلا زكاة عليه في شئ من ذلك ثم أبو حنيفة الذي قلدتموه دينكم لا يرى جمع الذهب إلى الفضة في الزكاة إلا بالقيمة بالغة ما بلغت ولو أنها درهم بدينار أو ألف درهم بدينار وعطاء والزهري وسليمان بن حرب وغيرهم يزكون الذهب بقيمة من الفضة بالغة ما بلغت فظهرت جرأتهم على الكذب نعوذ بالله من سوء مقامهم، وأما المالكيون فتناقضوا ههنا أقبح تناقض بلا برهان إذ قدروا دينار الدية ودينار القطع في السرقة ودينار الصداق برأيهم باثني عشر درهما وقدروا دينار الزكاة بعشرة دراهم وهذا تلاعب لاخفاء به وشرع في الدين لم يأذن به الله تعالى واستدركنا اعتراضا للحنيفيين والمالكيين وهو انهم قالوا لو كانت الدنانير والدراهم ابدا لا من الإبل لكانت دينا بدين لان عمر قضى بها في ثلاث سنين قلنا: وعمر قضى بالدية حالة في قصة المدلجي التي هي أصح عنه من توقيته فيها ثلاث سنين فما الذي جعل رواية عنه لا تصح أولى من رواية عنه أخرى، والعجب انهم يأخذون بما روى عنه من