واحتجوا أيضا بما رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال:
أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: أرسل مروان قبيصة بن ذوئيب إلى فاطمة بنت قيس يسألها فأخبرته انها كانت تحت أبى عمرو بن حفص المخزومي فذكر الحديث وانه طلقها آخر ثلاث تطليقات إذ خرج إلى اليمن مع علي بن أبي طالب وان عياش بن أبي ربيعة. والحارث بن هشام قالا: والله مالها نفقة إلا أن تكون حاملا قال: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا.
واستأذنته في الانتقال فاذن لها * قال أبو محمد: هذه اللفظة إلا أن تكوني حاملا لم تأت إلا من هذه الطريق ولم يذكرها أحد ممن روى هذا الخبر عن فاطمة غير قبيصة. وعلة هذا الخبر أنه منقطع لم يسمعه عبيد الله بن عبد الله لامن قبيصة ولا من مروان فلا ندري ممن سمعه. ولا حجة في منقطع ولو اتصل لسارعنا إلى القول به فبطل هذا والحمد لله رب العالمين، ثم نظرنا في قول من أوجب (1) للمبتوتة السكنى دون النفقة فوجدنا هم يحتجون بالنص المذكور ولا حجة لهم فيه لمن تأمله لان الله عز وجل ابتدأ قوله الصادق: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) إثر قوله تعالى في بيان العدد (2) إذ يقول عز وجل:
(واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجرا أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) إلى قوله تعالى: (من وجدكم) الآية كما أوردنا ونحن لا نختلف في أن هذه العدة للمبتوتة كما هي لغير المبتوتة ولافرق، فوجب ضرورة أن يكون قوله تعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) أراد به تعالى جميع المطلقات من مبتوتة ورجعية أو أراد أحد القسمين هذا ما لاشك فيه فان قلتم: انه تعالى أراد كلا القسمين قلنا لكم: فيجب على هذا ان غير المبتوتة لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا كما قلتم في المبتوتة ولابد لان النص عندكم فيهما جميعا. وهذا خلاف قولكم فبطل هذا القول، فان قالوا أراد المبتوتات فقط قلنا: هذا خطأ من وجهين، أولهما أنه دعوى بلا برهان وتخصيص لقرآن بلا دليل وهذا لا يحل، والوجه الثاني ان السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صحت