قال أبو محمد: هذا أصح ما روى في ذلك عن ابن عباس، وأما الزيادة التي رواها قوم في هذا الخير من أن ابن عباس قال: لو قالت انا طالق ثلاثا لكان كما قالت أو الا طلقت نفسها ثلاثا فلا يصح لأنه إنما رواها الحكم بن عتيبة وحبيب بن أبي ثابت ومنصور وكلهم لم يلق ابن عباس، وروينا هذا أيضا من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس الا قالت انا طالق انا طالق وهذا خبر لم يسمعه عمرو من ابن عباس لأنه إنما رواه عن عكرمة بخلاف هذا عن ابن عباس وبهذا يقول أبو سليمان. وأصحابنا * قال أبو محمد: وقد ذكرنا قول سفيان والشافعي في التخيير آنفا وأما أبو حنيفة فقال إن قال لها اختاري فخيرها ثم قال لم أرد طلاقا فإن كان ذلك في رضا لم يجر فيه ذكر طلاق كان القول قوله مع يمينه ولا خيار لها فإن كان في غضب فيه ذكر طلاق أوليس فيه ذكر طلاق أو كان في رضا ذكر فيه طلاق لم يلتفت إلى دعوى الزوج وكان لها الخيار فان اختارت زوجها فهي امرأته وبطل خيارها وان اختارت نفسها فهي طالق واحدة بائنة لا تكون رجعية أصلا ولا أكثر من واحدة سواء نوى هو أكثر من واحدة أو لم ينو اختارت هي أكثر من واحدة أو اختارت واحدة رجعية ثم لهم من التخاليط في حركاتها وأعمالها أشياء يطول ذكرها الا أنها من عجائب الدنيا قد ذكرناها في كتاب الايصال، وقال مالك: ان خيرها فاختارته فهي امرأته وقد بطل خيارها فان اختارت نفسها فهي طالق ثلاثا ولابد سواء قالت أردت الطلاق أو قالت لم أرد الطلاق وليس له ان يناكرها ولا يلتفت إلى نيته أصلا فلو طلقت نفسها واحدة أو اثنتين فليس بشئ ولا يلزمه ذلك وليس لها الا اختيار زوجها أو أن تطلق نفسها ثلاثا ولابد الا أن يخيرها وقد عزم على طلاقها أو مخالعتها فههنا ان اختارت نفسها فهي طلقة واحدة بائنة وكذلك لو قال لها اختاري طلقة فليس لها الا طلقة واحدة رجعية هذا كله في المدخول بها فان خيرها قبل ان يدخل بها فهي ان اختارت نفسها طلقة واحدة فقط فلو قالت التي لم يدخل بها قد اخترت نفسي بثلاث طلقات فقال هو لم أرد الا واحدة فهي واحدة، وقال فلو قالت المدخول بها قد قبلت امرى لم يكن طلاقا الا أن تقول هي أردت الطلاق فيكون ثلاثا ولابد لا أقل من ذلك فلو قالت له قد خليت سبيلك فهي ثلاث ولابد، واختلف قوله في المخيرة تقوم من مجلس التخيير قبل ان تختار فمرة قال بطل خيارها بخلاف التمليك ثم رجع فقال بل لها الخيار حتى توقف فتختار أو تترك فلو وطئها مكرهة لم يبطل خيارها فلو وطئها طائعة بطل خيارها * قال أبو محمد: ذكر هذه الأقوال يغنى عن تكلف الرد عليها لشدة اختلاطها
(١٢٢)