ومن طريق مسلم نا محمد بن رمح نا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر " أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضه أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها فان أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء، قال ابن عمر: أأنت طلقت امرأتك مرة أو مرتين. فان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك وان كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك * قال أبو محمد: قد يمكن أن ابن عمر أراد بالمعصية من طلقها كذلك دون الثلاث، وأما الاختلاف في طلاق الثلاث مجموعة أهو بدعة أم لا؟ فزعم قوم أنها بدعة ثم اختلفوا فقالت طائفة منهم لا يقع البتة لان البدعة مردودة، وقالت طائفة منهم: بل يرد إلى حكم الواحد المأمور بان يكون حكم الطلاق كذلك، وقالت طائفة: بل تقع كما هو ويؤدب المطلق كذلك، وقالت طائفة: ليست بدعة ولكنها سنة لا كراهة فيها واحتج من قال إنها تبطل بقول الله تعالى (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) الآيات وبقوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن) إلى قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) وبقوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) قالوا: فلا يكون طلاقا الا ما كان بهذه الصفة، قالوا ومعنى قول الله تعالى (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) أي مرة بعد مرة كما تقول سير به فرسخان، وذكروا ما رويناه من طريق أحمد بن شعيب انا سليمان بن داود أنا ابن وهب أنا مخرمة - هو ابن بكير بن الأشج - عن أبيه قال سمعت محمود بن لبيد قال: " أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وانا بين أظهركم فقال رجل فقال يا رسول الله ألا أقتله " قال أحمد بن شعيب: لا أعلم أحدا رواه غير مخرمة * قال أبو محمد: أما قولهم البدعة مردودة فصدقوا ولو كانت بدعة لوجب أن ترد وتبطل، وأما الآيات فإنما نزلت فيمن طلق واحدة أو اثنتين فقط تم نسألهم عمن طلق مرة ثم راجع ثم مرة ثم راجع ثانية ثم ثالثة أببدعة أتى فمن قولهم لا بل بسنة فنسألهم أتحكمون له بما في الآيات المذكورات فمن قولهم لا بلا خلاف فصح ان المقصود في الآيات المذكورات من أراد ان يطلق طلاقا رجعيا فبطل احتجاجهم بها في حكم من طلق ثلاثا، وأما قولهم معنى قوله: (الطلاق مرتان) ان معناه مرة بعد
(١٦٧)