برهان ذلك قوله عز وجل (ثم طلقتموهن) وقوله تعالى (فطلقوهن * وللمطلقات متاع) وقوله تعالى (وسرحوهن سراحا جميلا) وقوله تعالى (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) وقوله تعالى (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف). (وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته) لم يذكر الله تعالى حل الزوج للزوجة الا بهذه الألفاظ فلا يجوز حل عقدة عقدت بكلمة الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الا بما نص الله عز وجل عليه (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه): واما قولنا ان نوى مع ذلك الطلاق فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى " وأما تفريقنا بين ألفاظ الطلاق فلم يوجب أن أعي قوله فيها: لم أنو الطلاق في القضاء خاصة وراعينا ذلك في ألفاظ السراح والفراق فلان لفظة الطلاق وما تصرف منها لا يقع في اللغة التي خاطبنا الله عز وجل بها في أحكام الشريعة الا على حل عقد الزواج فقط لا معنى آخر البتة فلا يجوز أن يصدق في دعواه في حكم قد ثبت بالبينة عليه وفي اسقاط حقوق وجبت يقينا للمرأة بالطلاق قبله وراعينا دعواه تلك في الفتيا لأنه قد يريد لفظا آخر فيسبقه لساني إلى ما لم يرده فإذا لم يعرف ذلك إلا بقوله فقوله كله مقبول لا يجوز أخذ بعضه وإسقاط بعضه، وأما ألفاظ السراح والفراق فإنها تقع في اللغة التي بها خاطبنا الله عز وجل في شرائعه على حل عقد النكاح وعلى معان أخر وقوعا مستويا ليس معنى من تلك المعاني أحق بتلك اللفظة من سائر تلك المعاني فيكون أنت مسرحة أي أنت مسرحة للخروج إذا شئت وبقوله قد فارقتك وأنت مفارقة في شئ مما بينهما ما لم توافقه فيه فلما كان ذلك كذلك لم يجز أن يحكم بحل عقد صحيح بكلمة الله عز وجل بغير يقين ما يوجب حلها وبالله تعالى التوفيق * 1957 مسألة: وما عدا هذه الألفاظ فلا يقع بها طلاق البتة نوى بها طلاقا أو لم ينو. لا في فتيا ولا في قضاء مثل الخلية والبرية وأنت مبرأة وقد بارأتك وحبلك على غاربك والحرج وقد وهبتك لأهلك أو لمن يذكر غير الأهل والتحريم والتخيير والتمليك. وهذه ألفاظ جاءت فيها آثار مختلفة الفتيا عن نفر من الصحابة رضي الله عنهم. ولم يأت فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ أصلا ولا حجة في كلام غيره عليه الصلاة والسلام لا سيما في أقوال مختلفة ليس بعضها أولى من بعض. فاما التحريم والتخيير والتمليك وقد وهبتك فقد ذكرناها قبل ونذكرها هنا إن شاء الله عز وجل ما يسر لنا من أقوال السلف في سائر الألفاظ التي لم نذكرها قبل وههنا أيضا ألفاظ جاءت فيها آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي البائن والبتة واعتدى والحقي باهلك وأمرك
(١٨٦)