الحد في الخمر لذمي كانت أو لحربي ولا فرق، فان قالوا: انكم تغرمون المسلم المال إذا وجب للذمي قبله وتأخذونه من المسلم بالسجن والأدب إذا امتنع من أدائه وهو قادر عليه قلنا نعم وليس هذا من القود والقصاص في شئ لان المال المأخوذ بغير حق هو محرم على آخذه كائنا من كان وإذ هو كذلك فإنما هو باطل منعناه منه وأزلناه عن يده كما نمنعه من قتل الذمي بلا حق ولا فرق ولو قدرنا على تكليفه احياء الذمي الذي قتل لفعلنا ذلك به فإذ لا يقدر عليه ذلك فلا شئ عليه إلا الأدب لتعديه إلى ما حرم الله تعالى عليه فقط كما نؤدبه في غصبه ماله إذا لم يقدر على رده ولا على انصافه فقط وليس كل متعد إلى ما حرم على الله عز وجل يلزمه قتل ولا قطع عضو ولا قصاص * وأما احتجاجهم على من قال: إذا قتل ذمي ذميا ثم أسلم القاتل فالقود عليه باق فقد أخطأ هذا القائل بل قد سقط القود والقصاص عنه لأنه قتل مؤمن بكافر. وقد حرم الله تعالى ذلك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعكس عليهم هذه القياسات الفاسدة فيقال لهم كما لا تحدون أنتم المسلم إذا قذف الذمي وتحدون الذمي إذا قذف المسلم فكذلك اقتلوا الذمي بالمسلم ولا تقتلوا المسلم بالذمي، هذا أصح قياس يكون لو كان القياس حقا لأنها حرمة وحرمة * ومن غرائب القول احتجاج الحنيفيين في الفرق بين قاتل المستأمن فلا يقيدونه به وبين قاتل الذمي فيقيدونه به، فان قالوا: الذمي محقون الدم بغير وقت والمستأمن محقون الدم بوقت ثم يعود دمه حلالا إذا رجع إلى دار الحرب ولا ندري من أين وجب اسقاط القود بهذا الفرق وكلاهما محرم الدم إذا قتل تحريما مساويا لتحريم الآخر، وإنما يراعى الحكم وقت الجناية الموجبة للحكم لابعد ذلك ولعل المستأمن لا يرجع إلى دار الحرب ولعل الذمي ينقض الذمة ويلحق بدار الحرب فيعود دمه حلالا ولافرق.
وحسبك بقوم هذا مقدار علمهم الذي به يحلون دماء المسلمين وحسبنا الله ونعم الوكيل * قال أبو محمد رضي الله عنه: وأما قولنا لا دية على المسلم (1) في قتله الذمي عمدا ولا على عاقلته في قتله إياه خطأ ولا كفارة عليه أيضا فلما قد بينا قبل في أول كلامنا في هذه المسألة من أن الآية التي فيها إيجاب الدية والكفارة في قتل الخطأ إنما هي في المؤمن المقتول خطأ فقط ولم يأت قط نص في ايجاب دية ولا كفارة في قتل الكافر الذمي خطأ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام " ولا يجوز على أصول أصحاب القياس أن يقاس الشئ الا على نظيره وليس الكافر نظير المؤمن (2) ولا مثلا فقياسه عليه باطل على أصول القائلين بالقياس. والمانعين منه، وبالله تعالى