لسانه فقال: أنت طالق لزمه الطلاق في القضاء وفي الفتيا وبينه وبين الله عز وجل، وكذلك لو أراد أن يقول: أنت طالق ثلاثا ان دخلت الدار فقال: أنت طالق ثلاثا ثم بدا له عن اليمين أو قطع به عن ذلك قاطع فلم يلفظ بما أراد أن يقول فهي طالق في الفتيا والقضاء وبينه وبين الله عز وجل سواء دخلت الدار أو لم تدخل، قال أبو حنيفة: فلو أراد أن يقول أنت حرة ان دخلت الدار فقال أنت حرة ثم بدا له عن اليمين أو قطعه عنه قاطع فهي حرة في الفتيا وفي القضاء وبينه وبين الله عز وجل دخلت الدار أو لم تدخل فلو أراد أن يقول لها كلاما فأخطأ فسبقه لسانه فقال أنت حرة قال أبو حنيفة: لا تكون بذلك حرة ولا يلزمه العتق بخلاف الطلاق وبخلاف المسألة في العتق التي ذكرنا آنفا، وقال أصحابه كل ذلك سواء * قال أبو محمد: أما قول أبي حنيفة ففي غاية الفساد والمناقضة، وأما قول مالك فمناقض لقوله في التحريم وفي حبلك على غاربك وسائر ما رأى التحريم يدخل فيه بأرق الأسباب وبالله تعالى التوفيق * 1965 مسألة: ولا يلزم المشرك طلاقه وأما نكاحه وبيعه وابتياعه وهبته وصدقته وعتقه ومؤاجرته فجائز كل ذلك، برهان ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " وقول الله عز وجل: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) فصح بهذين النصين أن كل من عمل بخلاف ما أمر الله عز وجل به أو رسوله صلى الله عليه وسلم فهو باطل لا يعتد به، ولا شك في أن الكافر مأمور بقول لا إله الا الله محمد رسول الله ملزم ذلك متوعد على تركه بالخلود بين اطباق النيران فكل كلام قاله وترك الشهادة المذكورة فقد وضع ذلك الكلام غير موضعه فهو غير معتد.
فان قيل فمن أين أجرتم سائر عقوده التي ذكرتم. قلنا اما النكاح فلان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح أهل الشرك وأبقاهم بعد اسلامهم عليه وأما بيعه وابتياعه فلان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعامل تجار الكفار، ومات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي في أصواع شعير، واما مؤاجرته فلان رسول الله صلى الله عليه وسلم استأجر ابن ارقط ليدل به إلى المدينة وهو كافر وعامل يهود خيبر على عمل أرضها وشجرها بصنف ما يخرج الله عز وجل من ذلك، واما هبته وصدقته وعتقه فلقول حكيم بن حزام " يا رسول الله أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية من عتاقة وصلة رحم وصدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما أسلفت من خير " فسمى عليه الصلاة والسلام كل ذلك خيرا وأخبر انه معتد له به فبقي الطلاق لم يأت في امضائه نص فثبت على أصله