فلسنا على يقين من وجوب شئ على الجاني وإذا لم نكن على يقين من أنه يلزمه شئ فلا يجوز أن يلزم شيئا لا في بشرته ولا في ماله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام " * قال على: وكان في أصحابنا فتى اسمه يبقى بن عبد الملك ضربه معلمه في صباه بقلم في خده فيبست عينه فهذا عمد يوجب القود لان الضربة كانت في العصبة المتصلة بالناظر وبالله تعالى التوفيق * 2029 مسألة من أمسك آخر حتى فقئت عينه أو قطع عضوه أو ضرب، قال على: نا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب انه كان يقول في الرهط يجتمعون على الرجل فيمسكونه فيفقأ أحدهم عينه أو يكسر رجليه أو يديه أو أسنانه أو نحو هذا انه يقاد من الذي باشر ذلك منه، وأما الآخرون الذين أمسكوه فيعاقبون عقوبة موجعة منكله فان استحب المصاب الدية كانت الدية عليهم كلهم يغرمونها جميعا سواء قال يونس: وقال ربيعة ان أحب الذي فقئت عيناه الدية فله اثنا عشر ألف درهم في عينيه فإن كان الذين أمسكوه إنما أمسكوه ليفقأ عينيه فعليهم الدية جميعا وان كانوا أمسكوه ليصكه أو ليضربه لا يريدون بذلك فق ء عينيه فالدية على الذي فقأ عينيه دون أصحابه، قال ابن وهب. قال ابن سمعان: قال ربيعة. ان أراد القود أقيد منهم جميعا ممن باشر ذلك وممن أمسكه * قال أبو محمد: أما إيجاب الدية عليهم كلهم والمنع من القود منهم كلهم فخطأ لا إشكال فيه وتناقض ظاهر لأنهم لا يخلو من أن يكونوا كلهم فقأه أو لم يفقاه كلهم لكن من باشره خاصة لا سبيل إلى قسم ثالث فان كانوا كلهم فقأ عينيه فالقود عليهم كلهم كما الدية عليهم كلهم ولافرق، وان كانوا ليس كلهم فقأه لكن المباشر خاصة فالزام الدية في ذلك من لم يفقأ ولا كسر ولا قطع خطا، وهذا لاخفاء به * وأما قول ربيعة في إيجاب القود على جميعهم أو الدية على جميعهم فلم يتناقض ولكنه خطا لان الممسك آخر ليفقأ عينيه أو ليقطع يده أو ليخصي أو ليجنى عليه أو ليضرب لا يقع عليه البتة في اللغة ولا في الشريعة اسم فاقئ ولا اسم قاطع ولا اسم كاسر ولا اسم ضارب، وإذا لم يكن شيئا من هذا فلا قود عليه في ذلك لان الله تعالى إنما قال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فبطل هذا القول بلا شك، وهذا مما خالف فيه مالك شيخيه ربيعة والزهري، لأنهما جعلا في جناية العمد في العين الخيار بين القود أو الدية وهو لا يرى فيها إلا القود فقط وهما كبشا المدينة *
(٤٢٧)