قال أحمد رحمه الله وقد سئل عن الرجل يدفع زكاته إلى رجل هل يقول له هذه زكاة؟ فقال يعطيه ويسكت ولا يقرعه فاكتفى بظاهر حاله عن سؤاله وتعريفه (فصل) وإذا كان للرجل بضاعة يتجر بها أو ضيعة يستغلها تكفيه غلتها له ولعياله فهو غني لا يعطى من الصدقة شيئا وان لم تكفه جاز له الاخذ منها قدر ما يتم به الكفاية وان كثرت قيمة ذلك وقد تقدم ذكر ذلك في الزكاة (مسألة) قال (والعاملين على الزكاة وهم الجباة لها والحافظون لها) يعني العاملين على الزكاة وهم الصنف الثالث من أصناف الزكاة وهم السعاة الذين يبعثهم الإمام لأخذهها من أربابها وجمعها وحفظها ونقلها ومن يعينهم ممن يسوقها ويرعاها ويحملها وكذلك الحاسب والكاتب والكيال والوزان والعداد وكل من يحتاج إليه فيها فإنه يعطى أجرته منها لأن ذلك من مؤنتها فهو كعلفها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث على الصدقة سعاة ويعطيهم عمالتهم فبعث عمر ومعاذا وأبا موسى ورجلا من بني مخزوم وابن اللتيبة وغيرهم وطلب منه ابنا عمه الفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أن يبعثهما فقالا يا رسول الله لو بعثتنا على هذه الصدقة فنصيب ما يصيب الناس ونؤدي إليك ما يؤدي الناس؟ فأبى أن يبعثهما وقال (إن هذه الصدقة أوساخ الناس) وهذه قصص اشتهرت فصارت كالمتواتر وليس فيه اختلاف مع ما ورد من نص الكتاب فيه فأغنى عن التطويل.
(فصل) ومن شرط العامل أن يكون بالغا عاقلا أمينا لأن ذلك ضرب من الولاية والولاية تشترط فيها هذه الخصال ولان الصبي والمجنون لا قبض لهما والخائن يذهب بمال الزكاة ويضيعه على أربابه ويشترط اسلامه واختار هذا القاضي وذكر أبو الخطاب وغيره انه لا يشترط اسلامه لأنه إجارة على عمل فجاز أن يتولاه الكافر كجباية الخراج. وقيل عن أحمد في ذلك روايتان