(فصل) والإمام مخير بين أن يستأجر العامل إجارة صحيحة بأجر معلوم اما على مدة معلومة واما على عمل معلوم وبين أن يجعل له جعلا معلوما على عمله فإذا عمله استحق المشروط وان شاء بعثه من غير تسمية ثم أعطاه فإن عمر رضي الله عنه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فلما رجعت عملني فقلت اعطه من هو أحوج مني وذكر الحديث فإن تلفت الصدقة في يده قبل وصولها إلى أربابها من غير تفريط فلا ضمان عليه ويستحق أجرة من بيت المال وان لم تتلف أعطي أجر عمله منها وإن كان أكثر من ثمنها أو أقل ثم قسم الباقي على أربابه لأن ذلك من مؤنتها فجرى مجرى علفها ومداواتها. وان رأى الإمام أعطاه أجرة من بيت المال أو يجعل له رزقا في بيت المال ولا يعطيه منها شيئا فعل وان تولى الإمام أو الوالي من قبله أخذ الصدقة وقسمتها لم يستحق منها شيئا لأنه يأخذ رزقه من بيت المال) (فصل) ويجوز للإمام أن يولي الساعي جبايتها دون تفرقتها ويجوز أن يوليه جبايتها وتفريقها فإن النبي صلى الله عليه وسلم ولى ابن اللتيبة فقدم بصدقته على النبي صلى الله عليه وسلم فقال هذا لكم وهذا أهدي إلي وقال لقبيصة (أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها) وأمر معاذا أن يأخذ الصدقة من أغنيائهم فيردها في فقرائهم. ويروى أن زيادا ولى عمران بن حصين الصدقة فلما جاء قيل له أين المال؟ قال أو للمال بعثتني أخذناها كما كنا نأخذها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود، وعن أبي جحيفة قال أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ الصدقة من أغنيائنا فوضعها في فقرائنا وكنت غلاما يتيما فأعطاني منها قلوصا. أخرجه الترمذي (مسألة) قال (وللمؤلفة قلوبهم وهم المشركون المتألفون على الاسلام) هذا الصنف الرابع من أصناف الزكاة والمستحقون لها، وقال أبو حنيفة انقطع سهمهم وهو أحد أقوال الشافعي لما روي أن مشركا جاء يلتمس من عمر مالا فلم يعطه وقال (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ولم ينقل عن عمر ولا عثمان ولا علي أنهم أعطوا شيئا من ذلك، ولان الله تعالى أظهر الاسلام
(٣١٩)