ولنا أنه يشترط له الأمانة فاشترط له الاسلام كالشهادة، ولأنه ولاية على المسلمين فلم يجز أن يتولاها الكافر كسائر الولايات ولان من ليس من أهل الزكاة لا يجوز أن يتولى العمالة كالحربي ولان الكافر ليس بأمين ولهذا قال عمر لا تأتمنوهم وقد خونهم الله تعالى وقد أنكر عمر على أبي موسى توليته الكتابة نصرانيا فالزكاة التي هي ركن الاسلام أولى، ويشترط كونه من غير ذوي القربى الا أن يدفع إليه أجرته من غير الزكاة، وقال أصحابنا يجوز له الاخذ منها لأنها أجرة على عمل تجوز للغني فجازت لذوي القربى كأجرة النقال والحافظ وهذ أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ولنا حديث الفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحار ث حين سألا النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعثهما على الصدقة فأبى أن يبعثهما وقال (إنما هذه الصدقة أوساخ الناس وانها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) وحديث أبي رافع أيضا وهذا ظاهر في تحريم أخذهم العمالة فلا تجوز مخالفته، ويفارق النقال والحمال والراعي فإنه يأخذه أجرة لحمله لا لعمالته، ولا يشترط كونه حرا لأن العبد يحصل منه المقصود كالحر فجاز أن يكون عاملا كالحر، ولا كونه فقيها إذا كتب له ما يأخذه وحد له كما كتب النبي صلى الله عليه وسلم لعماله فرائض الصدقة وكما كتب أبو بكر لعماله أو بعث معه من يعرفه ذلك، ولا كونه فقيرا لأن الله تعالى جعل العامل صنفا غير الفقراء والمساكين فلا يشترط وجود معناهما فيه كما لا يشترط معناه فيهما وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لرجل ابتاعها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين إلى الغني) رواه أبو داود. وذكر أصحاب الشافعي انه تشترط الحرية لأن العمالة ولاية فنافاهما الرق كالقضاء، ويشترط الفقه ليعلم قدر الواجب وصفته ولنا ما ذكرناه ولا نسلم منافاة الرق للولايات الدينية فإنه يجوز أن يكون إماما في الصلاة ومفتيا وراويا للحديث وشاهدا، وهذه من الولايات الدينية. وأما الفقه فإنما يحتاج إليه لمعرفة ما يأخذه ويتركه ويحصل ذلك بالكتاب له كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه رضي الله عنهما
(٣١٨)