هذا يبعث الإمام إلى عماله في الأقاليم وينظر كم حصل من ذلك فإن استوت فيه فرق كل خمس فيمن قاربه وان اختلفت أمر بحمل الفضل ليدفع إلى مستحقه كالميراث، وفارق الصدقة حيث لا تنقل لأن كل بلد لا يكاد يخلو من صدقة تفرق على فقراء أهله والخمس يؤخذ في بعض الأقاليم فلو لم ينقل لأدى إلى اعطاء البعض وحرمان البعض، والصحيح إن شاء الله أنه لا يجب التعميم لأنه يتعذر فلم يجب كتعميم المساكين وما ذكر من بعث الإمام عماله وسعاته فهو متعذر في زماننا لأن الإمام لم يبق له حكم إلا في قليل من بلاد الاسلام ولم يبق له جبة في الغزو ولا له فيه أمر ولان هذا سهم من سهام الخمس فلم يجب تعميمه كسائر سهامه، فعلى هذا يفرقه كل سلطان فيما أمكن من بلاده.
(الفصل الخامس) أن غنيهم وفقيرهم فيه سواء وهذا قول الشافعي وأبي ثور وقيل لا حق فيه لغني قياسا له على بقية السهام ولنا عموم قوله تعالى (ولذي القربى) وهذا عام لا يجوز تخصيصه بغير دليل، ولان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي أقاربه كلهم وفيهم الأغنياء كالعباس وغيره ولم ينقل تخصيص الفقراء منهم. وقد روى الإمام أحمد في مسنده ان النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير سهما وأمه سهما وفرسه سهمين، وإنما أعطى أمه من سهم ذي القربى وقد كانت موسرة ولها موال ومال، ولأنه مال مستحق بالقرابة فاستوى فيه الغنى والفقير كالميراث والوصية للأقارب، ولان عثمان وجبيرا طلبا حقهما منه وسألا عن علة منعهما ومنع قرابتهما وهما موسران فعلله النبي صلى الله عليه وسلم بنصرة بني المطلب دونهم وكونهم مع بني هاشم كالشئ الواحد ولو كان اليسار مانعا والفقر شرطا لم يطلبا مع عدمه ولعل النبي صلى الله عليه وسلم منعهما بيسارهما وانتفاء فقرهما (مسألة) قال (والخمس الثالث لليتامى) وهم الذين لا آباء لهم ولم يبلغوا الحلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يتم بعد احتلام) قال بعض أصحابنا لا يستحقون الا مع الفقر وهو المشهور من مذهب الشافعي لأن ذا الأب لا يستحق والمال أنفع من وجود الأب ولأنه صرف إليهم لحاجتهم فإن اسم اليتم يطلق عليهم في العرف للرحمة ومن